الصفحة الاخيرةحديث الصباحصحيفة البعث

عجيبة غريبة

عبد الكريم النّاعم 

الطّلب من جميع المواطنين، الذين يشملهم الدّعم، أن يفتحوا حسابات في المصرف التجاري، أمر يبدو عجيباً غريباً، لأنّ “أحد” معانيه أنّ أستاذ الجامعة مثله في ذلك مثل جْليدان بن هْريبيد راعي الغنم في البادية، ومثله مثل مَن لا يفكّ الحرف، ولم يسبق له أن دخل مصرفاً، بل هو قد يتهيّب الذهاب إلى دوائر الدولة، ومَن لا يفعل ذلك فسوف لن تشمله “نعمة” الدّعم!!

قيل قديماً إذا أردتَ أن تُطاع فاطلب المستطاع، وما أدري كيف صدر هذا القرار لأنّ الأصل في أيّ قرار شامل أن تكون فيه خدمة للمواطن، من دون أن ننسى فائدة الدولة، فهل تصوّر مُصدِرو القرار كيف سيكون حال الناس، وهل مثل هذا الطلب يتناسب مع ما عليه الناس، إجراءً وقُدرة؟!

تصوّروا إذا استجاب الناس كلّهم لهذا الطلب، كيف سيكون حال المصارف، ازدحاماً، وفوضى، وتعباً نفسيّاً وجسديّاً.. بظنّي لو أنّ أحد المسؤولين عانى الازدحام في نهاية الشهر على أبواب المصارف لصرف نظره عن هذا الحَشْر المُذلّ.

كان طلاب الجامعة سابقاً يدفعون ما يترتّب عليهم في جامعاتهم، فحُوَلوا إلى المصرف فتراكم الحشد.

الصرّافات المُوزّعة، نظريّاً، بحيث تكفي حاجات الناس، معظم الوقت هي خارج الخدمة، إمّا لعطل، أو لغياب الكهرباء، والذين لا يعرفون كيف يستخدمون بطاقاتهم يرجون مَن يعرف أن يساعدهم لسحب مستحقّاته، فأيّ تعب؟!!

تُرى.. ماذا يفعل أبناء الأرياف التي لا وجود للمصرف المركزي فيها؟ هل يزحفون حين يريدون الحصول على مستحقّاتهم للمدن للحصول عليها؟ وكم سيكلّف ذلك من جهد، ومتاعب، وكم سيفرز من نتائج لا يُسَرّ بها عاقل؟

تُرى.. لماذا لا يُحوَّل الدّعم إلى البطاقة الذكيّة، ويُعلَم الناس بهذا عبر رسائل على الهواتف، وعبر التلفزيون، وهذا يشمل جميع الموظفين والعاملين في الدولة والقوات المسلّحة؟!!

قد يقول البعض: فماذا عن غير الموظفين؟ ومثل هذا يمكن حلّه بتحديد أماكن في الأحياء، كمقر مختار الحيّ، أو افتتاح مراكز مؤقّتة يحصل من خلالها مستحقّو الدعم على حقوقهم، وهذا يمكن أن يسري في المدينة وفي مراكز الأقضية والنواحي.

أحد العائدين، حديثاً، من سلطنة عُمان شرح أمامي أنّ السلطنة أرادت تعميم المركزيّة الإلكترونيّة، فأصدرتْ قراراتها، ولأنّها تُدرك أنْ ليس كلّ مواطنيها قادرين على تنفيذ ذلك، لذا سمحتْ، في كلّ شارع من شوارع المدن، بأنْ يُرخَّص لمن يستطيع تأدية هذه الخدمات للمواطنين،.. يُرخّص له فيساعد المواطن لقاء أجر يتناسب مع حالة النّاس، فلماذا لا يكون عندنا مثل هذا، أو ما يُشبهه، لأنّ المهمّ تسهيل الإجراءات، لا تعقيدها.

يا أيّها الذين بيدكم إصدار مثل هذه القرارات، إنّ حاجات الناس، ومستحقّاتها، أمانة في أعناقكم، وأنّكم مسؤولون عن حاجات الشرائح الفقيرة أكثر من حاجات من تغوّلوا ماليّاً، في ظروف غير طبيعيّة، ولا مشروعة، أم أنّ للغنى ربّاً خاصاً؟!!

aaalnaem@gmail.com