على أعتاب مرحلة جديدة.. سلة مطالب تحتاج لإجراءات وتدابير فاعلة!
غسان فطوم
رغم كل ما عاناه المواطن من أوضاع معيشية وخدمية صعبة جرّاء الأزمات المزمنة، وخاصة خلال السنوات الثلاث الأخيرة، ما زال عنده أمل في المرحلة القادمة التي ستشهد أحداثا مهمة تتمثل أولاً بانتخاب مجلس شعب جديد وتشكيل حكومة جديدة أيضاً.
بالطبع، لا بديل عن التفاؤل، فـ “الأمل” هو القاسم المشترك لـ “حكي” السوريين، فعلى قاعدة “بقاء الحال من المحال” يفتح السوريون الباب لخيالهم وأمنياتهم بأن يتغير الأداء النمطي للمجلس ويخرج من شرنقة “المداخلات النارية”.
مباراة بالأقوال!
من يتابع ردود أفعال الشارع وتفاعله مع إعلانات المرشحين للمجلس التي تغزو صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، سيجد انتقاداً واضحاً للمرشحين، في إشارة لتقصيرهم، أقله ما يتعلق بتأمين متطلبات الحياة المعيشية بحدودها المقبولة، وقالها بعضهم بصريح العبارة: “لم نأخذ من أعضاء المجلس إلا الوعود على شاكلة وعود الحكومة التي لا تنتهي”.
شهود عيان
ما سبق يؤكد استمرار الصورة النمطية المرسومة عن أعضاء المجلس مضمونها “نواب يتبارون داخل الجلسات في تقديم المداخلات، سواء التي تتعلق بانتقاد قرارات الحكومة أو التحفظ على بعض القوانين، لكن في النتيجة يمر القانون ويُتخذ القرار ويبقى غالبية أعضاء المجلس شهود عيان دون حراك!”.
إصلاح الميزان!
ومن التعليقات الطريفة على مواقع التواصل الاجتماعي التي باتت تشكل حالة رأي عام لا يمكن إغفالها قول أحدهم: “لقد أصلحنا الميزان ولن نعطي لأحد أكثر من قيمته بعد الآن”.
هذه الحالة دعت البعض للسؤال باستغراب: “لماذا يصمت المجلس على تغاضي الحكومة عن ما يطالب به أثناء مناقشة عمل كل وزارة، رغم تصاعد حدة المداخلات التي تصل إلى حدود عالية من النقد؟!”.
الجواب في عهد المجلس الجديد، فهل سيتغير نهج التعاطي مع قضايا المواطن أم يبقى أسير التصريحات والوعود؟!
نائب سابق اعترف بأن أداء مجلس الشعب “غير مرضي عنه” من قبل المواطنين، مشيراً إلى وجود العديد من القرارات الحكومية تم تمريرها بالرغم من أنها ليست في صالح المواطن 100%!.
ممنوع الغزل
السوريون يريدون شيئاً مختلفاً في المرحلة القادمة المليئة بالتحديات فيما يتعلق بعمل المجلس والحكومة، يريدون تفاعلاً حقيقياً بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، وخاصة لجهة وفاء الحكومة بتعهداتها للمواطنين، بمعنى “ممنوع الغزل بين السادة “العضوات” والسادة الوزراء”، آملين أن تفرز الانتخابات القادمة قيادات برلمانية من أصحاب الكفاءة والخبرة والسلوك الحسن من أجل تعزيز في تعزيز مستوى الأداء والارتقاء بالعمل البرلماني بما يحقق أمنيات المواطن.
من الآخر ..
مع إقرار الحكومة للدعم النقدي بدلاً من السلعي، وكشفها عن سلسلة إجراءات جديدة سيتم اتخاذها لاحقاً يريد المواطنون أن يكون ملف الخدمات الاجتماعية من ضمن الأولويات، فالفقراء الذين تزداد نسبتهم يريدون حماية حقيقية، وليس مجرد إعانات مادية وعينية لا تفي بالغرض، خاصة أن “العينية” لا تصل إلى مستحقيها الفعليين والأسباب معروفة للجميع، لذا لا مناص من اعتماد برامج موجهة أكثر فعالية وكفاءة من شأنها توسيع شبكات الأمان الاجتماعية الموجهة لتشمل أكبر قدر ممكن من الشرائح المحتاجة للدعم.
زيادة الإنفاق
المواطنون يريدون أيضاً زيادة الإنفاق على التعليم بشقيه التربوي والجامعي بتكاليفٍ بسيطة، تعليم عالي الجودة بمناهجه التي تعلم الطلبة الابداع والاختراع وبمخرجاته التي تحاكي متطلبات سوق العمل، وقادرة أيضاً على مواجهة تحديات العصر.
وبالشأن الصحي يريدون تقديم الرعاية الصحية لجميع المواطنين، وخاصة بعد ارتفاع أسعار أجور المعاينات الطبية وأجور العمليات الجراحية ووصول أسعار الأدوية إلى حد لم يعد المواطن قادراً على تحمله!
ويريدون أيضاً إقرار إستراتيجية وطنية لتشغيل الشباب، بدلاً من تركه للمجهول بعد التخرج في الجامعة نتيجة انكماش فرص العمل مقابل تزايد عدد طالبيه إلى رقم يصعب تأمينه في القطاعين العام والخاص.
مكافحة الفساد
وتبقى الأمنية الأهم للسوريين هي مكافحة الفساد وقطع دابره مالياً وإدارياً لأنه استنفذ كل خيرات الوطن وهجّر الكفاءات بسبب المحسوبيات التي عطلت كل مقومات الإبداع في العمل، كما يأمل السوريين تطبيق الأنظمة القوانين بقوة دون مراعاة. ولا شك عندما تغيب المحاسبة الرادعة يتجرأ من هم في موقع المسؤولية أياً كانت درجتها على ارتكاب شتى أنواع الفساد المالي والإداري مستغلين مناصبهم ونفوذهم، وغير ذلك من المخالفات والارتكابات التي تصل لحد الجريمة بحق الوطن.
مختصر الكلام، سلة الأمنيات والمطالب المشروعة “ثقيلة” بوزنها ولا مجال الآن لفردها وحصرها، ويبقى السؤال: هل سنشهد تغييرات إيجابية وإجراءات في الأداء والمعالجة على المستويين التشريعي والتنفيذي؟
بالتأكيد يليق بالسوريين أن يعيشوا في وطن قوي مستقر وآمن من كل النواحي بعد حرب انتصروا فيها بصمودهم وانتمائهم الحقيقي.