الصفحة الاخيرةصحيفة البعث

حرف يدوية وفنّ تشكيلي في معرض الزهور

ملده شويكاني

على تأثير صوت فيروز وهي تشدو بأغنية “أهواك.. وورودك تغريني بشهيات القُبل” تجول زائرو معرض الزهور بدورته لعام 2024، في حديقة تشرين بين أقسامه وأجنحته، ولاسيما جناح الوردة الشامية ومشاتل النباتات الخضراء والورود، وحظي هذا العام بمشاركة عراقية، إذ كان لمشتل عادن الدهلكي حضوره المميز ولاسيما أنه رفع شعار “زهور بغداد، تعطر دمشق الحبيبة”.

ومن المعروف أن ثمة رابط بين الورود والتراث، لذا حفل المعرض بمشاركة واسعة من الحرف اليدوية الدمشقية التقليدية، التي تعد نوعاً من أنواع التراث اللامادي بجناح كبير قُسم إلى أجنحة صغيرة متسلسلة، وضم مختلف حرفاً متأصلة وعريقة، كالأغباني والموزاييك والنحاسيات والجلديات والخشبيات وغيرها، بالإضافة إلى لوحات بعض الفنانين التي عُني بعضها بتوثيق معالم المدينة الخالدة دمشق، لتكتمل مشهدية التراث بشقيه المادي واللامادي مع الخطّ العربي.

الفنانة التشكيلية أمل بقاعي مشاركة بلوحات صغيرة جداً مربعة الشكل توضع على قاعدة خشبية، تنفرد كل واحدة بنوع من الأزهار والورود الملونة، فرسمت بأسلوب واقعي جميل جداً وبألوان الإكليريك أزهار النرجس والياسمين والورد الجوري والزنبق وأفردت لوحات لحارات دمشق القديمة، وفي زاوية أخرى من الجناح عرضت لوحاتها التي عكست الوجع تجاه ما يحدث على أرض غزة من فظائع وأساليب قتل وحشية بأسلوب تجريدي مركزة على اللون الأسود الدال على الموت ولون الدم الأحمر، موظّفة العجينة اللونية وتقنية الكولاج لمواد مختلفة، منها الخيطان التي تربط بين الأشخاص إيماءة إلى الأكفان، وأشارت إلى جمالية مشاركة بعض التشكيليين ضمن أقسام المعرض الذي يلقى اهتماماً من الزائرين.

أما الفنانة التشكيلية والحرفية بفسيفساء الزجاج الملوّن نجوى الشريف فجمع جناحها بين التشكيل والحرف اليدوية، إذ عرضت بعض لوحاتها بالزجاج الملوّن، تناولت أحدها شخصية الميلوي أحد مفردات التراث، كما استقت من التراث الغنائي العربي شخصية كوكب الشرق- أم كلثوم بلوحة رسمتها بأسلوب تعبيري على خلفية متداخلة الألوان لدرجات الأصفر والأرجواني، وخطّت عليها جملة من أغنية “وصفولي الصبر”.

ومن زاوية أخرى، عرضت ما يتماشى مع معرض الزهور من خلال مجموعة من الفخاريات الصغيرة التي لوّنتها بألوان متعددة وزرعت نباتات الصبار داخلها، والأجمل كان بتوظيف جزئيات محددة من جذوع الأشجار أدخلت إلى سطحها الخطّ العربي بخط ـ السنبلي- عبارات مختلفة وأسماء ورسومات بسيطة لمفردات التراث مثل الجرة.

وأوضحت أنّ معرض الزهور فرصة للتعرّف، في كل عام، إلى خبرات جديدة بفنون الحرف اليدوية، وفرصة ليعرف الفنان قيمة المنتج الخاص فيه لدى الزائرين، ما يعطيه حافزاً لإضافات، وعقبت بأن الفسيفساء الزجاجي عالم متنوع ويضاف إلى خامات متعددة.

وتابع أنس غنام المسؤول عن جناح الأغباني الحديث عن عراقة هذه الحرفة التي ارتبطت بإبداعات نساء دوما بشكل خاص، وعن معروضات مفارش الأغباني بالخيوط الذهبية والفضية والملونة وأنواعه المختلفة من حيث الرش والطلس، بالإضافة إلى إدخال الخطّ العربي بلوحات قماشية مطرزة بالأغباني.

وحفل قسم الموزاييك بتنويعات كثيرة من حيث التطعيم بين الخشب والصدف، والحقائب الخشبية من خشب الجوز مع الصدف المنجدة من الداخل بقماش البروكار، وتابع رضوان غضبان عن الحفر اليدوي على الخشب وحفر الليزر مع الموزاييك والصدف بتصنيع تحف منزلية نُفذت للمعرض.

ومن الأجنحة الملفتة جناح مديرية البيئة في محافظة دمشق الذي اتسم بجمالية المشهد الدائري والمقاعد الخشبية الملوّنة بالأصفر والسماوي وبتزيينات الشلال والإضاءة الملونة وبتجسيد الناعورة وطاحونة الهواء اللتين تعدان من عناصر التراث.

وقد اعتمد العاملون على تقنية فنّ التدوير من مخلفات البيئة والورق والبلاستيكيات ومن ثم إعادة تصنيعها وتوظيفها من جديد، فتنوعت المعروضات الصغيرة لمستلزمات البيت وتصميمات أكواخ صغيرة.

وتحدثت مديرة الجناح ميسم حمادي معاون مدير البيئة بمحافظة دمشق عن الورود المتعددة الموجودة بحديقة الجناح مثل الأولفيرا والروز ماري وعن تنوع المزروعات والحرص على وجود شجرة زيتون أيضاً.

وتوقفت عند تصنيع نبات الفطر بحجم كبير من زجاجات المياه الفارغة والكرتون وتغليفه بورق الجدران وبعجينة الجبصين، وأشارت إلى أن جميع المعروضات كانت نتاج جهد جماعي بإشراف مشرفات وبتعاون أطفال يتم تدريبهم على إعادة التدوير، ونوّهت إلى ورشة الأطفال الزائرين التي تقام يومياً بعناوين مختلفة.