دراساتصحيفة البعث

صحيفة البعث.. نشر الوعي القومي والدفاع عن الحقوق

د.معن منيف سليمان

يعدّ صدور العدد الأول لصحيفة البعث في الثالث من تموز عام ١٩٤٦، إيذاناً بانطلاق صوت البعث والنضال القومي العربي الذي أكمل عامه الثامن والسبعين، وهي تحمل في صفحاتها جملة من الأخبار والدراسات والمقالات والتقارير التي تعبّر عن نهوض الأمة العربية وإصرار المناضلين العرب على تحرير بلادهم من الاحتلال ومكافحة الفساد والتسلّط وكشف الانحرافات والعمل على تقويمها.

ففي العدد الأول برز دور صحيفة البعث في نشر الوعي وتعميق الوعي الوطني والعربي كلّه في جميع مجالات النضال، وخاصة على مستوى مواقف الحزب والمحافظة على أصالته العقائدية والاستراتيجية، وواصلت دورها الوطني في نشر التوعية وطرح الحلول الناجعة لإنقاذ الأمة، وتأكيد أهمية الوعي في صناعة أدوات النضال الحاسمة.

وتهدف الصحيفة إلى التأسيس لقومية عربية بصرف النظر عن الأصول العرقية البعيدة للشخصيات الحاملة للفكر العروبي، ومن هنا تجلّت قوتها في ابتعادها عن الحزبية الضيقة وفي محاربتها النزعات الإقليمية والقطرية والطائفية، واتصالها بالمواطن العربي وطموحاته في الوحدة والتحرّر والعدالة مترفعة عن صغائر الأمور وسفاسفها فحظيت باهتمام كبير وذاع صيتها في الوسط الصحفي.

كانت صحيفة البعث منذ أن صدر عددها الأول منبراً مدافعاً عن قضايا العرب وفي مقدمتها قضية فلسطين. ففي أول عدد لها فضحت الدور البريطاني والأمريكي في تسهيل هجرة اليهود إلى فلسطين، كما فضحت مشروع التقسيم، وحرّضت المتطوعين العرب على الدفاع عن فلسطين عام ١٩٤٨، وكشفت عن تخاذل الحكومات العربية في الدفاع عنها، ما دفع حسني الزعيم إلى إيقاف صدورها حتى سقط حكمه.

ووقفت الصحيفة مع ثورة الجزائر، ودعمت مشروع الوحدة بين سورية ومصر عام ١٩٥٨، ووقفت ضد الانفصال عام ١٩٦١، وحاربت حلف بغداد، والعدوان الثلاثي على مصر عام ١٩٥٦، ومشروع آيزنهاور. وقد دفعت ثمن مواقفها القومية إيقاف صدورها عدة مرات.

وبعد ثورة الثامن من آذار استقرّت أوضاع الجريدة، حيث صدر المرسوم رقم ٢٧٣ تاريخ ٩ تشرين الثاني عام ١٩٦٩، بإحداث دار البعث للصحافة والطباعة والنشر والتوزيع، العائدة ملكيتها لحزب البعث العربي الاشتراكي، حيث أخذت أبعادها كمؤسسة صحفية متكاملة، وفي السابع من نيسان عام ١٩٧٥، وضع القائد المؤسس حافظ الأسد حجر الأساس لبناء دار البعث ليدشّن المبنى عام ١٩٨٠، حيث دخلت الصحيفة مرحلة جديدة من العمل والإنتاج.

لقد أصبحت صحيفة البعث صرحاً مهماً في الساحة الإعلامية والثقافة العربية، تُطبع فيها صحف عدة لمنظمات ونقابات في القطر، وتصدِر منشوراتٍ حزبية ورسمية، وكتباً مدرسية، وتمتلك آلات طباعة حديثة ولديها كوادر مدربة تدريباً جيداً على مواكبة أحدث المستجدات في عالم الطباعة والصحافة الالكترونية.

ولا تزال صحيفة البعث تواصل دورها في نشر الوعي القومي والدفاع عن حقوق الأمة عبر مقالاتها المستمرة، وتؤكد أنها ستواصل العمل والصدور دون توقف متمسكة بأصالة البعث وتاريخه ونضاله القومي.