مؤسسات جباية أم علم..؟!
غسان فطوم
أن نأتي بعد حوالي ربع قرن من إحداث الجامعات الخاصة ونتحدّث عن معايير وأسس يجب أن تتوفر فيها وفق قواعد الاعتماد العلمي فهذا ليس مقبولاً!
اليوم يجب أن نتحدّث عن نتائج ومخرجات إيجابية نقيّم من خلالها مدى مساهمة التعليم الجامعي الخاص كرديف للتعليم الحكومي في عملية التنمية المستدامة بمختلف مجالاتها عبر رفد سوق العمل ومؤسّسات الدولة بالكفاءات.
بالأرقام هناك 23 جامعة خاصة، وفي الخوض بتفاصيل عملها العلمي والإداري نجد أن العديد منها، إن لم نقل كلّها، فيها مشكلات تعليمية وتجاوزات من العيار الثقيل، ورغم ذلك لم يفتح ملفها ويبتّ بأمرها في الوقت المناسب من قبل مجلس التعليم العالي، والسؤال: لماذا المماطلة في البتّ بالعقوبات؟!
تشير الأرقام المتداولة التي كُشف عنها مؤخراً أن القيمة المالية الإجمالية لمخالفات الجامعات الخاصة عن العامين الدراسيين 2019-2020 و2020-2021، بلغت أكثر من 75 مليار ليرة، والناجمة عن مخالفة قواعد الاعتماد العلمي وغيرها من مخالفات.
ثمّة سؤال يمكن طرحه هنا: لماذا تتكاثر وتستمر مخالفات وتجاوزات بعض الجامعات الخاصة، علماً أن هناك “مراقباً” من التعليم العالي يتابع عملها أولاً بأول؟!
هذا السؤال نضعه برسم وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والاتحاد الوطني لطلبة سورية، لعلّ وعسى تُضبط الأمور، فلغاية الآن هناك فكرة سائدة عند الكثيرين أن الجامعات الخاصة مؤسّسات جباية أموال، أكثر مما هي مؤسسات علمية، في إشارة واضحة إلى وجود تدخل من قبل مالكي الجامعات بالأمور التدريسية، وهذا بلا شكّ مخالف لمرسوم الإحداث!
وللإنصاف ليست كلّ الجامعات الخاصة موضع انتقاد، وإنما الأمور تبقى نسبية، فبعضها منذ فترة قصيرة حقق مركزاً متقدماً على أحد التصنيفات العالمية، وهذا بلا شكّ دليل جودة في المناهج والمخرجات والاعتماد الأكاديمي، وهذا ما نريده لكلّ جامعاتنا الخاصة، وكذلك الحكومية بأن ترتقي في مستواها وتصنيفها العلمي عربياً وإقليمياً وعالمياً.
بالمختصر.. كنا نأمل من اللقاء الأخير الذي جمع وزير التعليم العالي والبحث العلمي، ورئيسة الاتحاد الوطني لطلبة سورية مع رؤساء الجامعات الخاصة، أن يُفتح ملف التجاوزات والمخالفات على مصراعيه، ويشير بشفافية ووضوح إلى معطيات وأرقام، فلا يكفي فقط أن نؤكد على أهمية الدور التنموي للجامعات الخاصة، “فالنهوض بواقعها التعليمي والتدريسي، يقتضي المكاشفة والمحاسبة الفورية بما يحقق مصلحة الطلاب والحفاظ على مستوى الخريجين، ودعم الاختصاصات التي تلبي احتياجات المجتمع”، وذلك وفق ما جاء في اللقاء المذكور!