ثقافةصحيفة البعث

“بيانو تريو” ورقصات من عصور وقوالب مختلفة على مسرح الدراما

ملده شويكاني

“لا كومبارسيتا” رقصة التانغو الشهيرة للمؤلف “جيراردو ماتوس رودريغيز” التي ارتبطت بأشهر الأفلام السينمائية الخالدة وبالفيديوهات الراقصة، والتي عُزفت في دار الأوبرا مرات عدة، لكن جمهور الأوبرا أصغى إلى حركات خطواتها من زاوية أخرى بأمسية “بيانو تريو” على مسرح الدراما لموسيقا الحجرة التي جمعت بين ياسمين محمد عازفة البيانو ومغنية الآلتو، وجودي سليمان عازفة الفلوت ومغنية الآلتو، ومدرسة آلة الكلارينيت سيما الشهابي التي تدرّبت على يد الأستاذ “نيكولاي فاراكسين”، مشكلين ثلاثية رائعة لآلتي النفخ الخشبية الفلوت والكلارينيت والبيانو بمستويات أبعاده الصوتية، ليكون المحور الأساس بمرافقة حوارية بين الفلوت والكلارينيت في مواضع وبالتناوب فيما بينهما حيناً آخر.

وقدّمت الثلاثية برنامجاً رائعاً لرقصات من عصور وقوالب مختلفة بين الروندو والفالس والتانغو والرقصات الشعبية، فاتسمت الأمسية بأجواء عاطفية حالمة، اعتمدت على الصولو داخل البناء اللحني في بعضها.

وبدأت الأمسية برقصة من الإيقاع السريع للمؤلف “فرانس دوبلرـ 1883-1821” لقالب الروندو-اندانيت وروندو ـ رقم  25 مع ياسمين محمد ـ بيانو ـ، ومن ثم المحاورة بين الكلارينيت والفلوت، واتسمت بحركة سريعة تعتمد على تكرار اللحن الأساسي للرقصة الدائرية.

تلتها خمس رقصات فالس للمؤلف “ديمتري تشوفيتش (1975-1906” الأولى رقصة ليريس، تخللها صولو البيانو، تلتها رقصة الربيع تخللها صولو الكلارينيت، أما الثالثة فكانت رقصة جوكي لصولو الفلوت وبنيت على جمل موسيقية متكررة تخللتها تغييرات لحنية قصيرة للفلوت، وتتداخل الآلات الثلاث بالرقصة الرابعة من ماكسيمس ريتيرن –رقم 45 والخامسة باريل أورجين من كادفلاي ـ رقم 97، وبدا من خلالهما دور البيانو ضمن جمل موسيقية صغيرة متلاحقة تتوازى مع امتدادات التمازج اللحني للفلوت والكلارينيت.

الفاصل بالأمسية مقطوعة المؤلف “آنتونين دفورجاك ـ 1904-1841” لهيومورسيكيو- رقم 101.

ومن ثم إلى الرقصات الرومانية الفلكلورية الشهيرة للمؤلف “بيلا بارتوك 1945-1881” التي كتبها للآلات الوترية وتمّ تحويلها، وقد تميزت الرقصة الأخيرة بإيقاعها الراقص السريع وبالحركة المتلاحقة، توزيع ياسمين محمد.

ومن الرقصات الفلكلورية إلى الرقصات الأكثر شهرة بالعالم بإيقاع التانغو بتنوع ألوانه برقصة “إيل شوكلو” للمؤلف “آنجيل فيلولدو ـ 1919-1861” توزيع ياسمين محمد  للتانغو الهادئ والمتوسط، إلى رقصة التانغو الأكثر شهرة ذات الحركة السريعة “لاكومبارسيتا” توزيع جودي سليمان، واختُتمت الأمسية بنمط راقص آخر بالرقصة الإيطالية الصعبة “تارانتيلا” للمؤلف “كاميل سانت ساينس ـ1921-1835” التي كتبها للآلات الثلاث وتعتمد على تقنيات مختلفة بالعزف وعلى مهارة العازفين بالسرعة، وعلى تبادل الأدوار بين الفلوت والكلارينيت، ودور البيانو الكبير بالتكثيف وإظهار الصوت القوي، وقد حظيت بتفاعل كبير من جمهور الأوبرا.

وعلى هامش الأمسية، أوضحت عازفة البيانو ومغنية الآلتو ياسمين محمد أن فكرة الأمسية انطلقت من الحماس والشغف الموسيقي بعد التخرج بالمشروع المشترك بينها وبين عازفة الفلوت جودي سليمان والبحث عن الآلات القريبة منها: “ففكرنا بالكلارينيت، ومن ثم قدّمنا الفكرة لأستاذة آلة الكلارينيت سيما الشهابي واقترحنا تقديم أمسية لموسيقا الحجرة فلاقت تشجيعاً منها، ثم بدأنا بعملية البحث عن أعمال ملائمة لهذا التشكيل ومكتوبة لها من قوالب الموسيقا الكلاسيكية للآلات الثلاث من الروندو والفالس والتانغو وبتنوع الحركات، بالإضافة إلى أعمال قريبة منها كُتبت لآلات أخرى، وتمّ تحويلها، ونعمل بالشغف ذاته على استمرار مشروعنا الموسيقي”.