محمد شمة: الشاعر لم يأخذ حقه لا مادياً ولا معنوياً
طرطوس- هويدا محمد مصطفى
شاعر تميّز بذائقته الجمالية في الموضوع الشعري، فتجلّت بالتجديد والتطوير في ترسيخ المعنى ومزجه بالواقع، فكتب القصيدة العمودية والتفعيلة، وحاول معالجة الكثير من القضايا من خلال نصه الشعري وتأثره ببيئته وطبيعتها الساحرة القدموس، كما كتب الزجل والمحكي وغنّى الكثير منها، عمل مدرساً للغة العربية ولديه الكثير من المشاركات الأدبية وحالياً هو مدير “ملتقى القدموس الأدبي”.. إنه الشاعر محمد شمة وحديث الشعر والإبداع.
يرى شمة أن القصيدة تطرح نفسها على الشاعر من خلال موقف أو فكرة أو عمل ما وتتأثر بالأوضاع التي نعيشها، يقول: “على الرغم من انشغالي بمتاهات الحياة وصعوباتها، تأخذ القصيدة وقتاً قصيراً جداً مهما كانت طويلة حسب سيطرة الموضوع عليّ وانشغالي به”.
وعن البيئة وتأثيرها على الشاعر وطقوس الكتابة، يبيّن: “أقصد البيئة الطبيعية والاجتماعية والثقافية اليومية، فطبيعة القدموس الساحرة أثرت إيجاباً على قصائدي وخاصة المحكية منها، كذلك البيئة الاجتماعية حيث المعاناة مثلاً، أيضاً الثقافية لها تأثير كبير على إنتاج الشاعر وبشكل إيجابي”.
يكتب شمة القصيدة العمودية وقصيدة التفعيلة ويقول: “منذ أكثر من أربعين عاماً وأنا أكتب القصيدة العمودية، إذ كنتُ مدرساً للغة العربية ولي مئات القصائد، منها مطولات في أغراض الشعر جميعها، وأنا متحيّز لهذا الشعر لأنه الأساس والخالد مهما طرأ من تجديد وغير ذلك، أما إذا كنت تقصدين الحداثة أن نكتب الشعر العمودي بلغة العصر وأفكار العصر فأنا مع ذلك”.
أما النثر فيتحدّث عنه ويوضح: “الشعر وزن وموسيقا وقافية أو بلا قافية، وصور وانزياحات واستعمالات جديدة، والنثر هو النثر، الخاطرة أو الومضة والسرد القصصي، إلى آخره، وهناك نثر جميل جداً باللغة الشعرية والاستعمال الجديد للغة والموسيقا الداخلية، بالإضافة إلى مضمون المقطوعة، وهذا طبعاً لا أسمّيه شعراً فهو غير موزون بالدرجة الأولى، فلماذا يريدون أن يذكروا الأنثى أو يؤنثوا الذكر!”.
وعن كتابته لقصيدة الزجل والمحكي يحدثنا: “أردّده وأعشقه مذ كنت طالباً في الحلقة الثانوية، وكم كنا نستمتع إلى جوقات الزجل اللبنانية في تلفزيون لبنان أو على “الكاسيتات”، وأنا أكتبُ الزجل بأنواعه القرادي، والمعنى، والموشح، والقصيد، وأغنيه أيضاً، كذلك المحكي وهذا يتناسب مع طبيعتنا الريفية والحياتية التي يغلفها الغناء والمحاورات والسهرات… إلخ”، ليقول:
قدموس يا حلم العمر بالقلب غنيه
قدموس يا خفقة قلب عشقان حوريه
يا ملفى العصافير
يا ملقى النواطير عالعين عالميه
ويؤكد شمة: “من يكتب الشعر عليه أن يتبع أسساً، ويكتب شعراً موزوناً خالياً من الأخطاء وبلغة جميلة رصينة، فيها إبداع، والشعر قبل كل شيء موهبة تحتاج إلى ثقافة ومتابعه وقراءة للأشعار بأنواعها وحضور النشاطات والاستماع إلى النقاد للاستفادة، ليس هناك من يتعلّم كتابة الشعر إذا لم يملك الموهبة والحبّ والشغف بالشعر، فإذا وجدت الموهبة نعم يستطيع أن يتعلّم البحور وغيرها من مقومات الشعر، وإلا يكون كما قلت بمقطوعة طويلة، منها:
يا صاحب ليش ما عندك قناعه
وعايش بالحلم ما عندك مناعه
لا تفكر أنت بتصير شاعر
إذا خاويت شاعر بالرضاعه
بدك موهبه وفكر ومشاعر
هيدا الشعر مانو بالصناعه ببحر الشعر عمرك لا تغامر
بتغرق صاحبي وما عندك نجاعه
ويرى شمة أن الملتقيات الأدبية والثقافية ظاهرة جيدة جداً، ورافد مهمّ للحركة الثقافية، فقد استطاعت أن تؤمن منبراً لمن لم تستطع المراكز الثقافية استقطابه، ومنهم شعراء مهمّون، بالإضافة إلى جيل الشباب، وعلى المراكز الثقافية أن تتعاون من غير تعقيدات مع هذه الملتقيات والجمعيات مع ملاحظتي على بعض الملتقيات بأن المسؤول عنها ليس بالمستوى المطلوب، ومن يعتلون المنابر أيضاً يحتاجون إلى متابعة ومراقبة وتصويب، وعلى وزارة الثقافة تشجيع هذه الملتقيات وترخيصها ضمن معايير والتعاون معها”.
أما عن ضرورة البحور الشعرية فيؤكد: “لا قصيدة عمودية من دون بحور شعرية، حتى قصيدة التفعيلة تكون على تفعيلات البحور، وأقرب البحور البسيط والطويل والكامل والخفيف، لأن نفس الشاعر معها منطلقة”.
ويبيّن شمة أن لديه مئات القصائد العمودية وقصائد التفعيلة والزجل والمحكي وعدد من المسرحيات النثرية والشعرية والاسكتشات الغنائية، كذلك الأغنيات، لكنه كما يقول تقاعس عن الطباعة في وقت كانت ممكنة، ويضيف: “جهزت مجموعات “صدى القدموس” و”خوابي الكلام” و”أنا والشعر” و”شوية حكي”، واليوم ومنذ ١٠ سنوات لم يعد بإمكاني الطباعة بسبب التكلفة الكبيرة ربما أستطيع مستقبلاً”.
ورداً على سؤال: ماذا قدّم الشعر لك؟ يجيب شمة: “عشتُ مع موهبتي وعبّرت عن مكنوناتي ومعاناتي، وعمّن حولي ووطني بقصائد فيها شجن وجمال ومتعة، وتواصلت من خلاله مع أصدقاء وناس ومجتمعات كثيرة، والشاعر غير الآخرين يرى ما لم يره الآخرون ويفكر غير ما يفكرون، وعلى الرغم من المعاناة هناك متعة حقيقية عندما تولد القصيدة، لكن للأسف الشاعر لم يأخذ حقه لا مادياً ولا معنوياً كما يجب، وهذا الحديث ذو شجون ويطول”.