ضبط أكثر من خمسة مراكز اتجار غير مرخصة لتصدير ورق الغار في الغاب
يئنّ شجر الغار في جبال سهل الغاب تحت فأس الفقراء والمعتدين معاً، وتضيع إن كنت مراقباً عن كثب ما بين الفاقة والإتجار، فمن جهة هناك الكثير ممن يعتاش على “توريق” الغار، لكن بالمقلب الآخر يوجد من يجتره بالكامل طلباً للحطب أولاً وللأوراق ثانياً ليبقى “الشاب النبيل” مهدداً ربما بالزوال إن لم يتمّ تطبيق القانون بصيغته المنصفة التي خرج بها. وبما أن القانون سمح للأهالي بحق الانتفاع كان من الجدير لـ”جيران” الشاب النبيل احترام الجيرة وعدم الاعتداء، غير أنه وللأسف هناك الكثير من المواطنين في قرى سهل الغاب يقومون ليس فقط بقص الأغصان بل بقطع أشجار الغار من ساقها وأحياناً اقتلاعها دون أي رادع أخلاقي وعلى خلاف دوريات “التحطيب” التي كنا نشهدها شتاء، لم نسمع بوجود أي دورية في الجبال تراقب عملية التوريق لضمان ديمومة وشباب “النبيل”، الذي وصل سعر الكيلو الواحد من ورقه إلى 3500 ليرة في حين يباع جافاً ويابساً بـ20 ألف ليرة وتقوم العائلات بشراء من 400 كيلو إلى 500 أخضر من قبل الحطابين بشكل يومي تقريباً وقص أوراقه داخل المنزل ثم تجفيفه ليباع بعدها لتاجرة يبدو أنها الوحيدة والمتعارف عليها في المنطقة، وهي أم محمد التي تقوم بدورها بتوريد أطنان وتسيير عدة سيارات إلى معمل الغار في جبلة ليصدّره بدوره إلى مصر، ويشكل بذلك توريق الغار عملاً دائماً وكسباً وفيراً لعدة عائلات، ونحن كي لا نفهم بطريقة خاطئة لسنا ضد الكسب المشروع وضمن القانون، لكن عندما يؤكد مدير الهيئة العامة لإدارة وتطوير الغاب المهندس أوفى وسوف أنه لم يتمّ تقديم أي طلب من قبل المواطنين للاستفادة من حق الانتفاع والعمل بمهنة الغار، تدرك جيداً أن هناك مخالفات واعتداءات تجري في عمق الجبل.
الشاب النبيل
وقد أدرك قانون الحراج قيمة “الشاب النبيل” وهو الاسم العلمي لشجر الغار، وحاول من خلال التعليمات التنفيذية للحراج الخاصة وحراج الدولة إنصافه وتنظيم استثمار أوراقه وثماره قانونياً قدر المستطاع، وبحسب المهندس وسوف فقد سمحت المادة 44 باستثمار المادة لكن وفق اشتراطات معينة، كأن لا يكون لأكثر من 30% من المجموع الخضري ووفق دورة فنية، أي يستثمر عاماً ويترك لعام تلاه، إضافة لشرط جمع الورق يدوياً، وفيما يخصّ حراج الدولة أوضحت المادة 65 من التعليمات التنفيذية حق الانتفاع المجاني وفق حدود الحاجة الشخصية من حراج الدولة، ومن ضمنها النباتات الطبية العطرية وذلك بناء على طلب يقدم إلى دائرة الحراج، أما في حالات الاستثمار المخالف لأي من منتجات الغابة تقوم الضابطة الحراجية بمكافحة هذه الأنشطة غير المشروعة.
واعتبر وسوف شجرة الغار كغيرها من مكونات النظام البيئي الغابي يجب استثمارها بطريقة تضمن استدامتها وبشكل لا يؤدي إلى تدهورها وتراجع مساحات انتشارها والاجراء الأفضل برأيه لتحقيق الاستدامة هو الحماية لها في مناطق انتشارها الطبيعي وإشراك المجتمع المحلي بهذه الممارسات البيئية وعدم تعريضها للاستثمار الجائر.
اتجار بغطاء الاستثمار
شتان ما بين الاستثمار والاتجار، وهما مصطلحان تكررا كثيراً في أجوبة الهيئة، ما يؤكد إدراكها جيداً لأهمية شجرة الغار التي يعود عمرها لمئات السنين وضرورة التفريق بين المعنيين، وأشار وسوف إلى تنظيم عدد من الضبوط بحق المخالفين والمتاجرين وضبط أكثر من خمسة مراكز اتجار غير مرخصة، عدا الكميات المستجرة بشكل مرخص يتمّ الاتجار بها بشكل غير مشروع وتقوم عناصر الهيئة بمكافحة المهربين وعمليات الاتجار بالغار من خلال تسيير دوريات ليلية، إضافة لمتابعة أعمال الحراسة للمواقع وفق الإمكانيات المتاحة. وأشار مدير الهيئة في معرض إجاباته إلى إمكانية أصحاب مستودعات الخزن والاتجار بالمواد الحراجية الحصول على موافقة بتصدير مادة ورق الغار والذي تم إدخاله إلى المستودع وفق رخص استثمار ممنوحة أصولاً للمواطنين ضمن قانون الحراج وتعليماته التنفيذية، وأكد في هذا السياق على منح بضع موافقات بالتصدير إلى جمهورية مصر العربية والأردن وتركيا، موضحاً أن المادة الأولية التي تدخل في سلسلة التصنيع أو البيع المباشر هي زيت الغار والذي نجده على منصات البيع العالمية كمنصة أمازون، إذ يوجد منتج زيت الغار ضمن عبوات صغيرة 60 ملم بسعر 2 دولار ونقاوة 100% وغير متضمنة تكلفة الشحن.
يُذكر أن الغار شجرة صغيرة طولها من 7 إلى 15 م أوراقها دائمة الخضرة عطرة وثمارها صغيرة سوداء بيضوية، تنتشر في سورية داخل الغابات السنديانية والصنوبرية وتصادف بصورة أقل غزارة في غابات الشوح والأرز، كما تستعمل أوراقها وثمارها لاستخراج زيت الغار الذي يدخل بصورة جزئية بصناعة الصابون وبعض مستحضرات التجميل والمستحضرات الطبية.