علي الخليلي: الأدب ليس للتسلية وأركز على القصة لأننا في عصر السرعة
حمص ـ عبد الحكيم مرزوق
عندما التقينا القاص علي الخليلي عرّفنا بنفسه في البداية بقوله: “أنا كاتب فلسطيني سوري وأحمل همّ وطنين، وطنٌ رواه أهلي لي وعاش فيّ من دون أن أراه، ووطنٌ ولدتُ وعشتُ فيه وصرتُ أحد حكاياه، لقد ذكرتُ في أكثر من مناسبة أن الوطنيْن بالنسبة إليّ هما عيناي اللتان أرى بهما”.
وحول دخوله عالم القصة القصيرة تحدث: “منذ مطلع شبابي كنتُ مهتماً بالكتابة في القصة والمسرح، لكن لظروف اجتماعية ومادية صعبة حينها، فرّغتُ وقتي لعملي في المجال الطبي واقتصرت الكتابة عندي على قصص قصيرة جداً وخواطر يطلّع عليها محيطي العائلي فقط، ولم أحرص على نشرها ولا حتى الاحتفاظ بها، وبعد تقاعدي من العمل منذ ثلاث سنوات تقريباً سطع شغف الكتابة من جديد فعدتُ إلى الكتابة ولمستُ تشجيعاً قويّاً من المحبين، ما زاد من عزيمتي ومحاولة التعويض عمّا فاتني من وقت، محاولاً التركيز على القصة القصيرة لأننا في عصر أعتقد أن الناس تميل فيه إلى السرعة في كل شيء ووسائل التواصل الاجتماعي لها دور بهذا التغيير”.
“رسالة غامضة” عنوان المجموعة التي صدرت، مؤخراً، وهو عنوان إحدى القصص، فهل العنوان معبّر أكثر عن مجموعة القصص التي تحتويها المجموعة؟ يوضح: “اخترت هذا العنوان لأني رأيته جاذباً وليس لأنه أكثر تعبيراً عن بقية قصص المجموعة، وكلّ قصة في المجموعة تحتوي رسالة ما غير غامضة إطلاقاً، والقصة التي عنونتها برسالة غامضة هي قصة واضحة المغزى تسلّط الضوء على خبث أعداء النجاح”.
ورداً على سؤال: ماذا يريد أن يقول من خلال قصص المجموعة؟ أجاب: “كل قصة تحمل رسالة ما، وفي المجمل كنت منحازاً في تلك القصص إلى الناس البسطاء وهمومهم، لذلك اعتمدتُ على السرد المبسّط في نسج الحكايات مع محاولة الحفاظ على جودة الأسلوب الفني وقد تطلّب مني ذلك جهداً إضافياً، لقد حاولتُ في قصص المجموعة أن أتكلم عن ويلات الحرب، وعن مآسي الهجرة، وعن بعض المظاهر السلبية كالغرور أو الجشع، وعن القيم النبيلة، كما حاولت الدفاع عن الأنثى، وحذّرت من الفتنة وتأثيرها الهدّام”.
وفيما إذا كان يعتقد أن القصة القصيرة محكومة بعدد من الكلمات لا ينبغي تجاوزها، وفق ما تقتضيه إعلانات بعض المسابقات؟ قال: “أنا أكتب من دون قرار مسبق بعدد الكلمات، أحياناً أشعر بضرورة الإيجاز فأختصر، وأحياناً أجد نفسي مضطراً لإعطاء الفكرة حقها في إطالة ضرورية لا ينفع بترها بالإيجاز، وبالنسبة إلى المسابقات يتمّ تقييد الكاتب بعدد الكلمات، وأعتقد أن ذلك قد يسبّب إرباكاً في بعض الأحيان، فمثلاً كنتُ قد كتبت قصة لم تنشر بعد، وعندما تمّ الإعلان عن مسابقة تختص بفكرة قصتي بدأت أختصر منها الكثير من الجمل والعبارات، صحيح أنها بقيت تحمل الفكرة ولكن ذلك كان على حساب جمالية السرد”.
يبرز الهمّ الفلسطيني بين ثنايا قصص المجموعة، فهل يعتقد الخليلي أن الكاتب الفلسطيني حتى لو كتب قصة اجتماعية يجب أن تتنفس القضية الفلسطينية من داخل كلماته التي يصوغ منها قصته؟ يجيب: “للمرّة الأولى أقول إن المجموعة كانت ستحتوي قصصاً عدّة تتكلّم عن الهمّ الفلسطيني، على الرغم من أنها قصص اجتماعية، لكنني سحبتُ تلك القصص ولم أضمها للمجموعة، لأني أكتب الآن رواية تتشابه بعض أفكارها مع بعض أفكار تلك القصص، وأتمنى أن أوفق في تقديم رواية جديدة في مضمونها”.
وفيما إذا كان يعتقد أن القصة القصيرة يجب أن تحمل الأفكار والأيديولوجيات أم عليها الاكتفاء بالسرد الجميل الذي يوصل فكرة معينة؟ يبيّن: “أنا من أنصار الواقعية، بمعنى أنه يجب إيصال رسالة مفيدة من خلال القصة أو الرواية، لكن مع تجنّب استخدام الأسلوب المباشر في طرح الأفكار، فالسرد الجميل قد يطربك آنيّاً، لكنه إذا كان يحمل فكرة بنّاءة فإنه يدوم أكثر ويقدّم الفائدة، وهذا هو دور الأدب والفن والثقافة بشكل عام فالأدب لم يكن في يوم من الأيام للتسلية”.
وختم الخليلي بالقول: “طالما هناك حياة وطالما للناس هموم، فهناك ما يجب قوله، ولم أقل إلا القليل، وحتى ما سأقوله سيبقى قليلاً أمام طاحونة الحياة التي لا تكفّ عن الدوران”.