ثقافةصحيفة البعث

“مونولوغ” مونودراما راقصة بنكهة البونراكو

أمينة عباس
لا يتردد الفنان نورس برو في مسرحيته الجديدة “مونولوغ” والتي من المقرر تقديمها اعتباراً من مساء اليوم السبت على خشبة مسرح الحمراء في خوض تجربة جديدة له على صعيد الشكل والمضمون كأول مونودراما يقدمها في مسرحه الراقص، والأهم إدخاله لفنّ البونراكو فيها.. يقول برو: “يعتمد العرض على راقصة واحدة، ولكن الجديد بالنسبة لنا في فرقة سورية للمسرح الراقص وللمسرح السوري هو إدخال فن البونراكو، وهو مصطلح يشير للدمى اليابانية الفلكلورية الضخمة التي عمل عليها مؤسس هذا الفن في العصر الحديث فيلييب جانتيه الذي جرّدها من شكلها الفلكلوري وأدخل عليها الرقص، وهي في العادة دمى عملاقة كبيرة يصل طولها إلى عشرة أمتار، لكننا اختصرناها قليلاّ حسب إمكانيات المسرح الفنية ويقوم بتحريكها فريق من المحركين يخوضون فيها تجربة جديدة جداُ لأن التحريك بإحساس الممثل والراقص الأكاديمي فيه مغامرة ومخاطرة، خصوصاً وأن الدمى غالباً ما تؤطر بعروض العرائس والأطفال وتقدم بالصيغة نفسها في مسرح الكبار”.. ولكن ما هو مضمون العرض؟ يجيب برو قائلاً: “من خلال المونولوج الخاص ببطلة المسرحية سيتابع الجمهور حوارها مع الأنا الخاصة المتمثلة في العرض بدمية البونراكو الموجودة على الخشبة، والتي تقوم على طرح سؤال: ما جدوى الوجود ولماذا نحن موجودون؟ بالاستناد إلى فلسفات وأفكار وآراء إنسانية حياتية مرتبطة بشخصيات مثل سيوران، دينكارينكي، شارل مورس الذين وإن قدموا إجابات بسيطة لكنها ليست نهائية” ويستطرد نورس برو قائلاً: “تجربة جديدة أيضاً أخوضها في العرض على صعيد فن خيال الظل ونقل الصورة على شاشة البروجكتور على المسرح بشكل مباشر إلى جانب حضوري الحيادي بشخصية الكاتب”.
ولا يخفي الفنان نورس برو كمخرج ومؤلف ومصمم للرقصات أن إنجاز هكذا عرض يتم ضمن ظروف صعبة: “بذلنا جهداً كبيراً في كل المجالات، وخاصة على صعيد الإضاءة لأن هذا العرض يتطلب إضاءة خاصة جداً صممها إياد العساودة إلى جانب تصميم الدمى الضخمة من قبل إيمان عمر والتي سيحركها فريق بقيادة خوشناف ظاظا المتحمس لهذه التجربة” وهكذا يرى برو أن الجميع يشعر أنها ستكون تجربة جديدة، متمنياً أن تحترم عقل النقاد والصحفيين والجمهور الحاضر، مع إشارته إلى أنه كان من حسن حظ مسرح الدمى في سورية أن شخصاً مبدعاً يُعتبر عراب فن الدمى في فرنسا هو فيليب جانتيه قد قدم عرضين في سورية عام ١٩٩٧ وفي العام ٢٠٠٨ أعاد تجربته التي شارك فيها برو من خلال ورشات أقامها في سورية وفرنسا وكان برو حينها طالباً في المعهد العالي للفنون المسرحية.
ويختتم نورس برو كلامه قائلاً: “أشكر العاملين في مديرية المسارح والموسيقا وفي مقدمتهم أ.عماد جلول مدير المسارح لاهتمامه ومتابعته للتحضيرات، وكذلك لمديرة المسرح القومي أ.سهير برهوم ورئيس تحرير مجلة الحياة المسرحية أ.جوان جان اللذين كانا مهتمين منذ البداية بالمشروع، آملاً أن لا تخيب تجربتنا أملهم وأمل الجمهور”.
يُذكر أن عرض “مونولوغ” هو التجربة السادسة عشرة للمخرج في مجال المسرح الراقص المعاصر، وهو مؤسس فرقة سورية للمسرح الراقص.
وتبيّن بطلة العرض الفنانة ناي سلطان والتي في رصيدها العديد من الأعمال التي شاركت فيها من خلال فرقة سورية للمسرح الراقص التي تعلمتْ فيها بشكل أكاديمي على مدى عدة سنوات الرقص الكلاسيكي وصولاً للرقص المعاصر أن “مونولوغ تجربة لها خصوصية بالنسبة لي، أولاً لأنها مونودراما وهي باكورة الأعمال المونودرامية للفرقة وتقوم على وجود شخصية الكاتب على المسرح إلى جانب الشخصية المؤدية، وكذلك الاستعانة بدمى بونراكو للإجابة عن سؤال الجدوى من الوجود” وتضيف حول خصوصية هذه التجربة: “تقدم لي خبرة إضافية، فمع كل عمل جديد هناك ما أتعلمه وأختبره، حيث يسلط العرض الضوء على حياة الشخصية التي أجسدها والموجودة في المجتمع من خلال أربع مراحل عمرية، وفي كل مرحلة تحاول الإجابة على أسئلة وإشارات استفهام لديها ليقدم العرض عالماً متسعاً وتساؤلات تتسم بالصعود والوصول إلى تحفيز الأدمغة”.
ولأن أي عمل مسرحي لا يمكن أن يرى النور إلا بوجود فريق عمل توضح سلطان قائلة: “كان لي الشرف أن أكون جزءاً من فريق عمل يتّسم بالجد والاجتهاد والاحترافية يقوده المخرج نورس برو بذهن وعقل مبتكر وخلّاق والذي يتعامل بأسلوب أبوي مع كامل أعضاء الفريق، وخلال التحضير والبروفات كنّا نحس أننا أمام تحدّ كبير لتقديم ما هو جديد يلبّي طموح الجمهور المتلقي، وفي الوقت ذاته يحكي عن ما يمس حياة الناس بشكل مباشر، لذلك أعتقد أن العرض سينجح لأننا نخوضه بكل جدية”.
وتختتم ناي سلطان حديثها قائلة: “الرقص بحدّ ذاته يقوم بمهمة إخراج الأحاسيس الداخلية والتعبير عن أرواحنا وهو انسجام بين الروح والجسد، يتحقق بشكل جلي بوجود نص جيد وموسيقا منسجمة مع النص وإخراج مبتكر وأداء جيد وجدّي من الفنانين، وفي حال فقدان حلقة من هذه الحلقات لا يستطيع الرقص أن يعبّر بشكل كامل عن الرسالة الموجهة”.
يُقدم عرض “مونولوغ” أيام 13/14/15/ تموز على خشبة مسرح الحمراء –السادسة مساء- وهو من إنتاج مديرية المسارح والموسيقا، رقص وأداء ناي سلطان، بونراكو حركي خوشناف ظاظا، علاء الدين الشيخ، لؤي الحلبي، تصميم إضاءة إياد العساودة، مكياج ياسمين قاسم، كريوغراف وتأليف وإخراج نورس برو، تنفيذ فرقة سورية للمسرح الراقص.