التحدّي اقتصادي خدمي بالدرجة الأولى.. ما المطلوب من أهل الاقتصاد في المجلس؟
دمشق- ريم ربيع
حزمة ثقيلة من المطالب التي يحملها الناخبون لمرشحيهم إلى مجلس الشعب اليوم، يشغل الهمّ المعيشي والوضع الاقتصادي معظمها، غير أنها في الوقت ذاته مثقلة بإرث من الخيبات التي رافقت العديد من المجالس السابقة، حيث يتخوّف المواطنون اليوم من تكرار حالة الركود التي تنتاب المجلس، والتي يكسرها خطاب جريء هنا أو مطلب جاد هناك، لكنها لم تفلح بتغيير مسار خاطئ أو محاسبة مسؤول أو تحقيق مكسب معيشي يترقبه الشارع، ما يجعل مسؤولية الناخبين في اختيار نوابهم في المجلس، لا تقلّ أهمية عن مسؤولية المرشحين في تلبية ما نادوا به من برامج ووعود انتخابية، حتى لا تبقى ضمن إطارها الإعلاني، وحسب العديد من القوانين والتشريعات الاقتصادية التي يتطلبها الإنتاج اليوم، لا تزال أسيرة النقاشات التي طالت لسنوات في مجلس الشعب لأسباب عدة، منها توجّه بعض المسؤولين للمماطلة والتأخير مقابل استجابة النواب لهم، فيما تشكّل الأسماء الاقتصادية والعاملة في الإنتاج والاقتصاد المرشحة اليوم للمجلس فرصة أخرى لمتابعة هذه القوانين، ودراسة غيرها، بما يحقق دفعة أصبحت حاجة ملحة للإنتاج ومنه للوضع المعيشي برمته، إذ يرى ناخبون، ولاسيما في قطاعات الصناعة والحرف والمهن والتجارة، أن البرامج المعلنة من العاملين في الصناعة والاقتصاد كفيلة -وإن طبق نصفها فقط- بتحقيق تقدمٍ ما أو تحويل على الأقل لمياه الاقتصاد الراكدة.
أجمع من التقيناهم من مواطنين في المراكز الانتخابية على أولوية تحسين الوضع المعيشي والاقتصادي، وأن يأخذ المجلس دوره الحقيقي في إيصال صوتهم ومطالبهم التي باتت تتركز على تأمين الحدّ الأدنى من متطلبات حياة كريمة، إذ يدعو عمار وهو موظف حكومي لأن يمارس مجلس الشعب دوره الرقابي أيضاً على أداء الحكومة، ومتابعة حالات الفساد التي سبق وقُدم بعضها لنواب سابقين لتطرح تحت قبة البرلمان لكن دون جدوى، فيما تأمل وفاء ممن انتخبتهم الالتزام ببرامجهم الانتخابية والسعي الفعلي لتحسين المعيشة، وتعديل القوانين المتعلقة بالمرأة والشباب ومتابعة احتياجاتهم الأساسية، ليؤكد أسامة وهو حرفيّ في دمشق، أن معظم التشريعات الناظمة لعملهم بحاجة تعديل جذريّ وتقديم مرونة أكبر، معتبراً أن وجود العديد من أصحاب المهن والمنتجين بين المرشحين قد يكون فرصة لإيصال متطلباتهم وإعداد القوانين الضرورية لعملهم.
المرشح همام مسوتي أكد أن التحدي القادم اقتصادي خدمي بامتياز، وقد أظهر الناخبون اليوم وعياً وإدراكاً فعلياً لهذا الواقع، موضحاً أن الاجتماع الأخير للرئيس بشار الأسد مع المفكرين الاقتصاديين في حزب البعث، حمل إعلاناً لوجه اقتصادي جديد لسورية، فمن الضروري اليوم مشاركة المنتجين والصناعيين بصياغة التشريعات تحت قبة المجلس وفق الخبرات المكتسبة من خلال ممارسة العمل، ليكونوا متواجدين بشكل فاعل بوضع رؤية ومتابعة للمؤسسات الاقتصادية، حيث صدرت خلال الدور السابق مجموعة قوانين دمج للشركات والمؤسسات الصناعية والاقتصادية لتطوير عملها، وهذه رؤية يجب أن تستمر مع غيرها بخبرات عملية تتكامل مع الأخرى الأكاديمية لتقديم مساهمة فاعلة. ورأى مسوتي أن الحرب والحصار الاقتصادي يحتاج مقابله وجود أشخاص كفوئين في الداخل لمواجهته، ومن واجب الصناعيين والاقتصاديين ورجال الأعمال مواجهة هذه الحرب الاقتصادية التي تمسّ لقمة عيش المواطن، عبر استهداف خدمي واقتصادي، ومن الضروري وجود هذه الخبرات تحت القبة في التغيير الاقتصادي المقبل، مشيراً إلى أن قانون قيصر يدّعي أنه لا يفرض عقوبات على القطاع الصحي مثلاً، وفي المقابل لا نستطيع تأمين أي قطعة غيار لأجهزة الأشعة إلا بموافقة وزارة الخزانة الأميركية، فالحصار يطال أبسط الاحتياجات ولا بدّ من تشريعات وسياسات متينة في الداخل لمواجهته.
فيما تركزت أيضاً رؤية المرشح مازن حسن، على تشجيع ودعم الصادرات، وتبسيط الإجراءات الإدارية لتسهيل عمليات التبادل التجاري ووصول المنتج السوري للعالمية، إضافة إلى تعزيز التجارة الإلكترونية ودعم البنية التحتية لنجاحها، والمساهمة في تحسين بيئة الإنتاج وفتح أسواق جديدة للمنتجات السورية للمنافسة عالمياً وفق المعايير الدولية، والعمل على تطوير وتنظيم قطاع الشحن لتسهيل عمليات التجارة والتصدير.