الصفحة الاخيرةحديث الصباحصحيفة البعث

زمن “الأمْبرَة”!!

عبد الكريم النّاعم

المقصود بالأمْبرة هو (الأمبير) وحدة قياس كهربائيّة، والذي سيكون له حضوره الخاص في حياتنا، وقد يتّسع، ولقد تعرّضت لهذا الموضوع سابقاً، بيد أنّ الأمور الضارة التي تتكرّر تفرض علينا العودة إليها، تماماً كما نعود إلى الأدوية التي لا بدّ من استخدامها، وتكرار الدواء قد يقي الجسم، أمّا تكرار الشكوى فهو مزيد من توليد الألم.

أشير إلى أنّ الأمبيرات كان لها سوقها الرائجة بدايةً، في مدينة حلب، أثناء بدء أزمة الخراب العربي، وفيما تلاه.

الذي استدعى هذا الموضوع مجدَّداً ما قرأته على صفحة التواصل الاجتماعي، فقد ذُكر أنّ جهات في محافظة طرطوس أخْلتْ ساحة بسطات وأكواخ يتعيّش منها أصحابها، تمهيداً لتركيب مولّد أمبيرات.

منذ زمن نسيته، أذكر أنّ السيد وزير الكهرباء أعلن أنّ الوزارة لن تشجّع على استخدام الأمبيرات في دمشق، ولم تطل الفترة حتى قرأنا عن تسعير الأمبير في العاصمة!! وهذا لا يتّفق مع ما قيل سابقاً. وما ذُكر عن طرطوس، وإذا كان مؤكَّداً يدلّ على أنّ الذين يريدون استغلال موضوع الأمبيرات قد نجحوا في أن تكون لهم كلمة الفصل، ومسألة الأمبيرات ذات طوابق متعدّدة في الضّرر، فكما قرأت -وناقل الكفر ليس بكافر- أن تنوير شقة بشكل دائم قد يحتاج إلى خمسمئة ألف ليرة سورية شهريّاً، وهذا يعني أنّ مَن يملك وحده سيستفيد، أمّا التسعة وتسعون من شرائح مجتمعنا فلن تشملهم هذه “النّعمة!!”، وهذا سيثير مشاعر الإحباط في نفوس الغالبيّة، ويخلق المزيد من التلوّث البيئي، والسّمعي.

لن نعود إلى سلبيات انقطاع الكهرباء، فأصحاب الشأن يدركونها أكثر منّا، ولن نظلّ نقول إنّ كلّ ما يصيبنا هو بسبب الحصار، واحتلال بعض أراضينا في الشمال، فهذا على صحّته لا يُلغي أن تُبادر الجهات المسؤولة إلى إيجاد حلول بديلة، ففي التاريخ القريب ثمّة دول خرجتْ من حرب مدمِّرة، فسارع مسؤولوها لابتكار الحلول المُرمِّمَة، ولتنشيط الاقتصاد بدلاً من الاستسلام، وهذا لا يحتاج لتوضيحات، بل يحتاج إلى مبادرات مدروسة هدفها خدمة غالبيّة الشرائح الاجتماعيّة، لا أن يتسلّل الانتهازيّون من أصحاب الرأسمال الطّفيلي للوصول إلى المزيد من تكديس الأموال، وهي بالأصل أموال تحتاج للتدقيق كيف حصلوا عليها، ومن خلال تكوينهم الذي لا يحفل بأوجاع الناس ربّما وصلوا إلى مَن يدعمهم، لسبب أو لآخر!!.

إنّ معركتنا مع الطاغوت الأمريكي الصهيوني ستطول، وهذا ما توحي به مجريات ما يحدث في غزّة، وإصرار واشنطن على تدمير المنطقة خدمة لـ”إسرائيل”، وهذا يفترض أن تكون خطتنا مُعدَّة على هذا الأساس، وأن نبحث عن البدائل الممكنة.

سمعنا قديماً من ذوي الاختصاص أنّ لدينا أماكن متعدّدة في سوريّة يسمّونها مزارع الرياح، فلماذا لا نعمد إلى توليد الكهرباء من طاقة الرياح، وثمّة بلدان في أوروبا مشهورة بهذه التقنية، ولا تحتاج إلى كبير إبداع، بل هي بحاجة للمال، واتخاذ القرار، وتشجيع الجهات المعنيّة وتقديم التسهيلات اللازمة، وحبّذا لو فُتِح باب التنافس لأنّ نتائجه ستكون لصالح البلد وأهله، وهذه طاقة في غاية النظافة. نحن في بلاد ما تكاد تغيب عنها الشمس فلماذا لا نعتمد على توليد الكهرباء من الطاقة الشمسيّة؟.

أيها المعنيّون إنّ ما تتخذونه من قرارات اقتصادية، وتعليمية، واجتماعيّة هو الذي سيرسم طريق الخروج من عنق الزجاجة أو البقاء فيها، ومن خلال النجاحات المتحقِّقة سيكون لكم ولو ذِكْر سطر في التاريخ، لعلّ من يسخر من الفكرة السابقة ويقول سينتهي الأمر بموتهم،.. لا يا سادة لا تنسوا أنّكم ستُسألون بين يدي قادر لا يحيف، ولا تخفى عليه خافية.

aaalnaem@gmail.com