أمريكا والعنف الانتخابي
تقرير – عناية ناصر
أصبح الاستقطاب السياسي في الولايات المتحدة مع تزايد شراسة المنافسة الانتخابية، أكثر إثارة للقلق بالنسبة للعالم، حيث إن تطور الاستقطاب السياسي يشجع على ظهور المزيد من العنف السياسي.
ووفقاً لاستطلاع أجراه روبرت بيب، الأستاذ في جامعة شيكاغو ومدير مشروع شيكاغو للأمن والتهديدات والذي صدر في حزيران الماضي، فإن حوالي 10% من البالغين الأمريكيين الذين شملهم الاستطلاع، و الذين اعترف ثلثهم بامتلاك أسلحة، وافقوا على ذلك، وعلى أن “استخدام القوة مبرر لمنع دونالد ترامب من أن يصبح رئيساً”. وفي الوقت نفسه، قال 7% ممن شملهم الاستطلاع، نصفهم يمتلكون أسلحة، إنهم “يؤيدون القوة لإعادة ترامب إلى الرئاسة”.
يعتبر العنف الانتخابي شكل مهم من أشكال العنف السياسي، ويشمل أعمال الإكراه أو التخويف أو الأذى الجسدي بهدف التأثير على العملية الانتخابية أو نتائج الانتخابات . ويشمل ذلك أيضاً إجراءات تعطيل التصويت أو الاحتجاج على نتائج الانتخابات أو قمع الاحتجاجات ضد نتائج الانتخابات.
لقد شكل العنف والاستقطاب السياسي حلقة مفرغة، الأمر الذي سلط الضوء على المعضلة السياسية الحالية في الولايات المتحدة والأزمة الكبرى التي يواجهها الحكم الوطني. فالاستقطاب السياسي هو استقطاب القيم والمعتقدات والإيديولوجيات بين الليبراليين والمحافظين على الطيف السياسي في الولايات المتحدة، حيث يعتقد كلا الجانبين أن معتقدات الطرف الآخر تختلف تماماً عن معتقداتهما، وهما غير راغبين في تقديم تنازلات. وفي الحالات القصوى، يمكن أن تصل الصراعات إلى حد عدم التوافق.
كما يؤثر الاستقطاب السياسي بشكل عميق على السياسة الانتخابية والعملية التشريعية في الولايات المتحدة. ويعتقد كل جانب أن انتصار الطرف الآخر سيهدد معتقداته وقيمه ومصالحه العملية، ومن الضروري أن يستخدم كل قوته لمقاومة انتصار خصمه . وفي عملية المنافسة السياسية، يتم استبدال المصالح العامة والمصالح الوطنية للأغلبية بمصالح حزبية ضيقة.
حتى أن تطور الاستقطاب السياسي إلى شكل من أشكال العنف السياسي يدل على أن المزيد من الأمريكيين، الذين يشعرون بخيبة الأمل إزاء السياسات الديمقراطية في البلاد، يعتقدون أن مطالبهم وهمومهم لا يمكن معالجتها من خلال التشريعات أو الانتخابات، وبدلاً من ذلك يلجأون إلى الحلول العنيفة.
إن السبب الجذري وراء الاستقطاب السياسي والعنف يكمن في التفاوت الشديد بين الأغنياء والفقراء، فضلاً عن اليأس من التغيير الاجتماعي في المجتمع الأمريكي، فالفجوة الآخذة في الاتساع بين الأغنياء والفقراء هي السبب الجذري للمشاكل الاجتماعية الكبرى في الولايات المتحدة، بما في ذلك الاستقطاب السياسي، والعنف المسلح، والعنف السياسي، والتمييز العنصري.