الجمعية العمومية لاتحاد كرة القدم.. هل يكون مؤتمراً نوعياً أم تكراراً لأخطاء الماضي؟
ناصر النجار
يعقد بعد غدٍ الاثنين الساعة الثانية عشرة ظهراً، في قاعة المؤتمرات في اتحاد كرة القدم في مدينة الفيحاء الرياضية، المؤتمر السنوي لاتحاد كرة القدم (الجمعية العمومية)، والذي يحضره أعضاء الجمعية الأصلاء البالغ عددهم 64 عضواً حسب النظام الداخلي للاتحاد.
ومن المفترض أن يكون هذا المؤتمر، بما يضم من خبرات كروية هم مندوبو الأندية واللجان الفنية والروابط، مفعماً بالمناقشات والحوارات المفيدة التي تصب في تطوير كرة القدم ودفعها نحو الأمام، لكن – وكما اعتدنا في السنوات السابقة – نخشى أن يكون عاديا الشكل والمضمون وكلاسيكية الطرح والفكر، وأن يكون نسخة مكررة عما قبله دون أي تجديد أو نقلة نوعية تتجه نحو آفاق كروية جديدة وحديثة ومتطورة.
والحقيقة أن كل أعضاء المؤتمر اعتادوا على هذا الشكل من الاجتماعات ولم نجد الرغبة عند أحد، سواء القائمين على اتحاد كرة القدم أو الأعضاء الأصلاء، بتغيير شكل الجمعية العمومية ومضمونها، لذلك رأى البعض أن مثل هذه المؤتمرات باتت مضيعة للوقت وهدراً للمال، وفائدتها الوحيدة أنها نقطة التقاء بين موسمين، وأنها تنفذ رغبة الاتحادين الدولي والآسيوي وتنفذ قرارات ومواد النظام الداخلي لاتحاد كرة القدم، وكذلك توجيهات الاتحاد الرياضي العام حتى يتم تطبيق مواد القانون الرياضي الذي يعتبر المؤتمرات السنوية خطاً أحمر لمعرفة ماذا قدمت الاتحادات الرياضية في موسمها السابق وما استراتيجية عملها في الموسم القادم، ومن الضروري المصادقة على تقرير المؤتمر لأن المصادقة عليه يمنح أعمال الاتحاد الشرعية والقانونية، كذلك يمكن في هذه المؤتمرات طرح بعض الأفكار الجديدة التي تدخل في مفهوم تطوير العمل الإداري والتنظيمي والفني، ولاشك أنه نافذة حقيقية لسماع هموم الأندية والعمل على حل كل مشاكلها التي تتعلق بالمسابقات والإجراءات الإدارية ضمن صلاحية اتحاد كرة القدم.
ونشير إلى أن الجمعية العمومية سيحضرها مندوب عن الاتحاد الدولي وآخر عن الاتحاد الآسيوي، كما سيتم بث مجرياتها وتسجيل هذا البث من اجل المراجعة في حال حدوث مخالفات وهذا من اختصاص لجنة النزاهة الدولية.
وأعضاء المؤتمر هم: 24 عضواً يمثلون أندية الدرجة الممتازة بواقع عضوين عن كل ناد، و12 عضواً يمثلون أندية الدرجة الأولى، والأعضاء هم مندوبو الأندية التي احتلت المراكز الثلاث الأولى في دوري المجموعات، وثمانية أعضاء يمثلون أندية الدرجة الثانية التي تأهلت إلى الدور النهائي المؤهل إلى الدرجة الأولى، وثلاثة أعضاء يمثلون أوائل أندية السيدات ويشترط أن يكون العضو من العناصر الأنثوية، وعضو واحد يمثل رابطة اللاعبين وعضو يمثل رابطة الحكام وآخر يمثل رابطة المدربين و14 عضواً يمثلون اللجان الفنية في المحافظات إضافة إلى أعضاء اتحاد كرة القدم.
المسؤولية الكروية
بعيداً عن بروتوكول المؤتمر والتنظيم والإجراءات الإدارية وجدول الأعمال، فإننا ننظر إلى المؤتمر ومدى نجاحه من خلال الطرح والمداخلات، فطرح الأفكار الجديدة من مسؤولية اتحاد كرة القدم، وكذلك أعضاء الجمعية العمومية لأن مسؤولية بناء وتطوير كرة القدم مسؤولية جماعية، والكلام نفسه ينطبق على مداخلات الأعضاء وإجابات اتحاد كرة القدم، والأهم بالموضوع ألا يكون المؤتمر سوقاً للاستعراض على مبدأ مداخلات وأفكار غايتها (أنا موجود) وألا يكون المؤتمر مكاناً لتقاذف التهم والعتاب، ولا وقتاً ليتم تضييعه بلا أي طائل بعرض سفاسف لا فائدة منها.
اتحاد كرة القدم طرح جدول الأعمال ليتم تنفيذ بنوده وأغلبه إجرائي يتعلق بالأمور الروتينية، ومنها التقرير المالي الذي يمر مرور الكرام، والسبب في ذلك أن هناك لجان تفتيش ومراقبة رسمية تدقق العملية والحسابية وتحاسب عليها في حال وجود خلل بمكان معين.
مداخلات الأندية ستصب في بوتقة المال، لذلك سنجد الكثير من الأعضاء يطالب بتخفيف الأعباء المالية من خلال تخفيف المسابقات وتقليصها، وهذا الأمر وصل إلى حدوده الدنيا ويتعارض مع المفهوم التطويري، فكيف يمكن تطوير اللاعبين الشباب وهم لا يلعبون في الموسم الواحد إلا بضعة مباريات، وكرة القدم تسعى لزيادة عدد المباريات لمن أراد النمو والتطور والبناء الصحيح.
وكيف يمكن الموافقة على طلبات الأندية بإلغاء الدوري الاولمبي، وهو دوري معتمد في كل الاتحادات الدولية والقارية والوطنية في كل دول العالم، وهو يعمل على صقل اللاعبين وتطوير مهاراتهم قبل الدخول إلى دوري الرجال.
ومن المداخلات المتوقع حدوثها الطلب من اتحاد كرة القدم إعفاء الأندية من الغرامات المالية التي فرضتها لجنة الانضباط والأخلاق، وكذلك إعفائها من الرسوم المفروضة عليها جراء العقود الموقعة مع اللاعبين والمدربين، وهذه حقوق كرة القدم يجب ألا تضيع وألا يتم ذلك لأن إلغائها لن يتم الحد من الشغب، وسيكون هذا القرار لو حدث مشجعاً على مخالفة القوانين والأنظمة ويعطي الضوء الأخضر لمن يخرق القانون ليتمادى بمخالفاته وألا يرتدع وينصاع للقوانين.
كذلك من الطلبات المتوقعة أن يجر البعض اتحاد كرة القدم للعفو عن العقوبات وفتح صفحة جديدة، وهذا أولاً مخالف للقوانين والأنظمة، ويجعل من قانون اتحاد كرة القدم ونظامه الداخلي ولائحته الانضباطية دون أي قيمة، فإذا كان كل معاقب سيتم العفو عنه فإن كرة القدم ستسير نحو المجهول ولن يتم حسم هذا الملف الذي كان في أسوأ حالاته الموسم الماضي بعد أن رسم الشغب والتمادي في ملاعبنا في الموسم الماضي صورة سوداء قاتمة لا تليق بكرتنا.
لذلك نعود إلى موضوع الارتقاء بالمسؤولية تجاه كرة القدم والابتعاد عن المصالح الشخصية في الطرح، والابتعاد عن المهاترات التي لا تقدم ولا تؤخر، والمؤسف في الأمر أن ناديين طلبا حجب الثقة عن لجنة الانضباط والأخلاق دون أي مبرر قانوني وعذرهم أنهم تعرضوا للعقوبات لمخالفات محقة، وهذه النوايا تؤكد أن بعض الأندية ترغب في لجنة تكون مخترقة وتغض النظر عن المخالفات.
من هنا نأمل أن تكون المداخلات عامة وليست خاصة ولا تتجه لمصلحة ناد على حساب ناد آخر، أو على حساب المصلحة العامة.
الاحتراف الجديد
الحدث الأهم الذي سيكون المادة الرئيسة في اجتماع الجمعية العمومية هو دراسة قانون الاحتراف واستعراضه وسماع الرأي به، وعرض القانون هو للاستئناس وليس للموافقة لان تنفيذه لا يشترط موافقة الجمعية العمومية، لكن الغاية من الطرح هي إعلام الأندية به وتبليغها بمضمونه ليتم التنفيذ في الموسم الجديد الذي سيبدأ لحظة انعقاد المؤتمر.
أيضاً سيتم استعراض المسابقات وأي تطور يطرأ عليها، هناك بعض الاقتراحات تخص الدوري الأولمبي ومنها السماح لثلاثة لاعبين ممن تجاوزوا سن الـ 23 باللعب مع الفريق الأولمبي، ومنها ضم عدد من لاعبي الشباب إلى فريق الرجال على أن يبقى كشفهم تابع لفريق الشباب وأن تبقى معاملتهم معاملة الرعاية، ومنها دوري الدرجة الأولى المتوقع حسب ما وصلنا أن يتغير شكله بالكامل.
هذه الطروحات كلها يجب أن تقابل بالمزيد من المسؤولية والحس الكروي الذي يغلب مصلحة كرة القدم على المصلحة الفردية، لذلك يجب أن ان ترتقي كل المناقشات إلى مستويات تنم عن فهم كروي وثقافة عالية تفند الأسباب وتضع الأعذار المقنعة وتقدم الطرح البديل الجيد.
من المفروض أن يضم المؤتمر خيرة خبراء اللعبة وأن نسمع آراء جيدة وأن نشاهد صوراً مضيئة، فلعلنا نحصل للمرة الأولى على مؤتمر نموذجي هادف يخدم كرتنا ومسيرتها.