ثقافةصحيفة البعث

يوسف حطيني: على الكاتب أن يكون مجرباً ولا يشبه أحداً

حمص ـ عبد الحكيم مرزوق

بالتعاون مع فرع حمص لاتحاد الكتاب العرب والفلسطينيين، استضاف المركز الثقافي العربي بحمص حواراً مفتوحاً بعنوان “يوسف حطيني.. رحلة مع الكلمات”، وذلك في قاعة الدكتور سامي الدروبي.

وبدأ الحوار الذي أدارته القاصة سكون شاهين والباحث محمود الخضر، بقول حطيني: “دمشق بالنسبة إليّ هي وطني الثاني.. شربت من مائها، وتفيأت ظلالها”، ومن ثمّ الحديث عن نقاط الالتقاء والاختلاف عند بديع الزمان الهمذاني، ومقامات بديع الزمان الطبراني المنسوب إلى طبريا، حيث أوضح حطيني أن مقامات الطبراني كانت تقوم على تحدّ لغوي، والمقامات هي مجموعة منثورة من كتب المقامات الأولى التي كتبها الهمذاني، والفكرة الأساسية التي كتبها حطيني في المقامات هي الهم الفلسطيني، وهي تقوم على المزاوجة بين القديم والحديث، وفيها الكثير من الأمثال الشعبية، ومستويات لغوية.

ووفقاً له، الفرق الأساس بين المقامات السابقة والمقامات التي يكتبها حطيني سياسية، ومتدرجة فيما بينها، وتسلم بعضها إلى بعض، وكلها تتحدث عن الوضع الفلسطيني في حين أن المقامات السابقة هي اجتماعية.

وعن روايته “رجل المرآة” والرمزية العميقة التي تحملها، قال حطيني: “تقوم هذه الرواية على بناء متوازن بين الشخصية الصهيونية، والشخصية الفلسطينية المتمثلة ببعض الشخصيات، وهي مبنية على أحداث واقعية عدة، والشخصيات الصهيونية متخيلة وهي مجرد أوهام، وهذا يعني أن الفلسطينيين موجودون حقيقة في أراضيهم، أما الصهاينة فهم مجرد أوراق، وعلى المستوى الثاني فإن الشخصية الفلسطينية لديها حكاياتها التي تحث على الصمود، في حين أن الشخصيات اليهودية تقوم على الغدر والقتل والخيانة وهذا هو عهدهم عبر التاريخ، والشخصية الفلسطينية تتطور نحو الانفتاح والتحرر، والرواية تقوم على فكرة أن الإسرائيلي كلما نظر في المرآة يجد رجلاً فلسطينياً فيها، فالفلسطيني يقفز أمام الإسرائيلي المحتل من كلّ مكان، والإسرائيليون ذاهبون إلى الفناء ونحن ذاهبون إلى الوطن”.

أمّا رأيه بالتجريب فيعلنه بالقول: “أعتقد أنه على الكاتب أن يكون مجرباً، وإذا كان يشبه الآخرين فلن يكون مبدعاً، وأنا أقيم ورشات عمل لكتابة الرواية في “مركز أبو ظبي”، والدرس الأول هو “إياك أن تشبه معلمك”، ومن يشبه معلمه من كتاب الرواية يسقط في النمطية، ولن يكون الراوي تلميذاً مجتهداً بل فاشلاً، ولن يلفت النظر، وليس شيئاً عظيماً أن يشبه الكاتب أحداً، وكل كاتب له شخصيته، وجلّ فكرتي تقوم على التجريب”، مشيراً إلى أنه عندما كتب رواية “رجل المرآة” جرب فيها تعدد الساردين، فكل فصل كان يسرده شخص ما غير الشخص الأول، وقدم في الرواية قصاصات جرائد، وحاول إدخال التجريب على مستوى البناء، وحاول في الرواية التالية أن يستخدم أسلوباً بالسرد هو أسلوب المخاطب، لأن الكتابة بصيغة الغائب يتبعها ثلاثة أرباع الكتاب، والروايات والمذكرات تكتب بصيغة الغائب.

وتابع: في رواية “يوم عادي في حياة عرفان” ضغطت الزمن فيزيائياً، فأحداثها جرت بأقل من أربع وعشرون ساعة وعنوان “يوم عادي” ليس عادياً، فهو مليء بالمشكلات التي يعانيها الفلسطينيون، وتكرار الاستثناء جعله عادياً، لأن الاستثناء يتكرر كل يوم.

وعن القصيدة القصيرة جداً، قال: “جذورها من العصر الجاهلي، كذلك القصة القصيرة جداً، وهي التي رصدت أكاذيب الأعراب ونوادرهم وطرائفهم وأحلامهم، وموجودة في الأدب العربي القديم، والشعر العربي القديم كله يقوم على وحدة القصيدة، وهناك الكثير من المقطعات الجاهلية حيث أن الشعر الجاهلي كله يعبر عن نفسه بالنفس القصير، وكل الأبيات التي كان يكتبها الشاعر هي قصائد قصيرة جداً، وكل الأبيات لا تزيد عن أربعة أبيات في النص الأصلي”.

وعن قصيدة “البردى الفلسطينية”، أوضح: “كتبت هذه القصيدة من 220 بيتاً على البحر البسيط بالقافية الميمية المكسورة، أما قصيدة (البردى) للبوصيري فتألفت من160بيتاً وقصيدة (البردى) لأحمد شوقي تألفت من 180 بيتاً، والمقامات تختلف كل واحدة عن الأخرى، فالمقامة التي كتبتها تحمل الهمّ الفلسطيني، وجاءت في إطار البحث عن الهوية الفلسطينية”، مؤكداً ضرورة أن يقدم الفلسطينيون صورة لأنفسهم وصورة للعدو الإسرائيلي، ومضيفاً: “علينا أن نعرف عدوّنا جيداً، وهذا ما لم يقم به كثير من الكتاب الفلسطينيين، لأنهم يميلون إلى السهولة، فالكتابة عن المجتمع الفلسطيني بمتناول اليد، أما الكتابة عن المجتمع الصهيوني ففيها بعض المعاناة، لذلك فإن الكاتب مضطر على أن يقرأ ويتابع الجانب الآخر.. وأنا كل الكتابة التي أكتبها أربطها بوضعنا الفلسطيني”.