تحقيقاتصحيفة البعث

أقلها 35 ألفاً وأعلاها يفوق الـ 100 ألف.. أجور المعاينات الطبية تُضاعف آلام المرضى في درعا!

دعاء الرفاعي

قوبلت القرارات الأخيرة لوزارة الصحة برفع أجور المعاينات الطبية بامتعاض المواطنين في ظلّ هذه الظروف المعيشية الصعبة التي يعيشها المواطن، متسائلين عن الحكمة من هذا القرار، فالمواطن “يا دوب” قادر يؤمّن لقمة عيشه اليومية، فكيف سيستطيع دفع “كشفية” لطبيب قد تتجاوز الـ 100 ألف ليرة سورية وخاصة للمرضى الذين لا يتمتّعون بميزات تأمين صحي عبر الشركات التأمينية المعروفة؟!

المواطنون أجمعوا على أن أجور الأطباء في العيادات الخاصة باتت خيالية قياساً بمتوسط الأجور والرواتب، ما يؤثر سلباً في قدرتهم للحصول على الرعاية الصحية اللازمة في حال تعرّضوا لأي عارض صحي يستوجب زيارتهم إلى طبيب اختصاصي، وما زاد الطين بلّة – بحسب قولهم – هو الارتفاع الجنوني لأسعار الأدوية التي ارتفعت أكثر من مرة خلال عام واحد!

الأكثر ضرراً

ومن أكثر الفئات تضرراً من رفع أجور الأطباء أولئك الذين يعانون من أمراض مزمنة كالسرطان وأمراض القلب والكلى أو الحالات الطارئة، وهي فئة تجد نفسها مضطرة للبحث عن بدائل رخيصة للرعاية الصحية قد تعرّضهم لمخاطر، من قبيل الاعتماد على الصيادلة في وصف العلاج أو تشخيص الأمراض، أو التضحية بمطالب وحاجات أساسية كالإنفاق على التغذية والتعليم، أو حتى اللجوء للطب الشعبي نظراً لانخفاض تكلفته مقارنة بأسعار الأدوية الكاوية.

بين طبيب وآخر

ومن خلال الحديث مع عدد من المرضى بيّنوا أن هناك تفاوتاً كبيراً بأسعار المعاينات، أقلها تصل إلى 35 ألفاً وأعلاها يتجاوز الـ100 ألف دون احتساب أجرة التحاليل المخبرية التي سيطلبها الطبيب أو إذا ما استدعت الحاجة إجراء تدابير استقصائية أخرى كالتصوير وغيرها، وتشكو النسوة من المراجعات لعيادات النساء والولادة من ارتفاع سعر الكشفية إلى نحو 50 ألف ليرة بعد أن كانت لا تتجاوز 12 ألفاً منذ أقل من عام، مشيرين إلى أن الشكوى لنقابة الأطباء حول ارتفاع الأجور لم تجدِ نفعاً!.

العودة للمستشفيات الحكومية

في ظلّ هذا الغلاء الفاحش للمعاينات ومستلزمات المريض من تحاليل وصور شعاعية يتوقع  العديد من أطباء القطاع الخاص أن تشهد العيادات والمستشفيات الحكومية اكتظاظاً كبيراً في الأشهر المقبلة بسبب هجرة مرضى القطاع الخاص غير المقتدرين إلى القطاع الحكومي، في الوقت الذي برّر فيها هؤلاء الأطباء ارتفاع أجورهم بسبب ارتفاع أجرة العيادات التي بات أصحابها يطلبون مبالغ خيالية، كلّ هذا يتطلب من الطبيب فرض أجور مخالفة لتسعيرة النقابة حتى يتمكّن هذا الطبيب من إعالة أسرته ولو بالحدّ الأدنى، في ظلّ هذه الظروف المعيشية الصعبة.

رد نقابي

“يجوا يشتكو” هذا ماردّ به رئيس فرع نقابة أطباء محافظة درعا الدكتور أكرم الخيرات في اتصال هاتفي مع “البعث”، داعياً كلّ مواطن مريض يشعر بالغبن من الارتفاع في أسعار الرسوم التي يتقاضاها الأطباء إلى تقديم شكوى خطية لمجلس النقابة لتقوم بدورها باتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة.

قرارات منصفة

وأوضح الخيرات أن التباين الكبير في تعرفة المعاينة مقارنة بمستوى المعيشة لذوي الدخل المحدود لا يمكن كبحه حالياً، لأن النقابة غير قادرة على إلزام الأطباء الاختصاصيين بتعرفة النقابة، مبرّراً ارتفاع أجور معاينة المرضى، بأنّ غلاء المعيشة أثّر على الطبيب، كما أثّر على التاجر والمهني والعامل والفلاح، وكذلك غلاء مواد التعقيم، ومستلزمات المهن الطبية، كلّ ذلك ساهم في زيادة أجور المعاينة.

وبيّن أن الأجهزة الطبية المستخدمة تلعب دوراً أساسياً في رفع أجور المعاينة، وهذا ما يغفله المريض، فأجهزة الكشف تختلف من حيث دقتها وحداثتها من طبيب لآخر وهذه الأجهزة مكلفة مادياً. وبالتالي من الطبيعي أن يرفع الطبيب أجرة معاينته، علماً أن وزارة الصحة كانت قد أصدرت مؤخراً قرارات تتضمن أجور الكشف الطبي في العيادات الخاصة للأطباء العامين وأطباء الاختصاص حسب سنوات ممارسة المهنة بما لا يقلّ عن 10سنوات وقُدّرت بـ10 وحدات جراحية، حيث حدّدت الوحدة الجراحية مابين 700 إلى 5000 ليرة، وبالتالي تتضاعف الأجرة إذا كان الكشف الطبي في المنزل وحسب الاتفاق بين الطرفين إذا كان خارج المدينة.

لا بد من حلول

وتبقى مشكلة أجور المعاينة عالقة بين ارتفاع أسعار المستلزمات الطبية والغلاء الذي طال كلّ مناحي الحياة وبين دخل المواطن الذي لا يتحمّل هذا الارتفاع، ما يدعو إلى حلّ وسط يضمن للمواطن حقه في العلاج وللطبيب حقه في الأجور، فكيف ستحلّ هذه المعضلة؟!!.

هامش..

في الشهر الماضي رفعت وزارة الصحة التعرفة الجديدة للمعاينات الطبية وأجور المشافي، حيث رفعت معاينة الطبيب الممارس العام إلى 25 ألف ليرة، ومعاينة الطبيب الاختصاصي في العيادة إلى 40 ألفاً، ومعاينة الطبيب المختص الذي تجاوزت ممارسته للمهنة 10 سنوات إلى 50 ألف ليرة سورية.

وبموجب القرار الجديد تمّ رفع تعرفة الاستشارة الطبية والمتضمّنة الكشف على المريض لدراسة ملفه وكتابة تقرير عن وضعه الصحي إلى 150 ألف ليرة، وضاعف أجور الكشف الطبي في المنزل إذا كانت ضمن حدود المدينة، وإذا تجاوز ذلك تحدّد حسب الاتفاق بين الطرفين.