محليات

الخدمات الصحية.. المشافي الخاصة خارج معايير الضبط والجودة

دمشق- البعث

تتشعّب مشكلات الصحة حالياً ما بين نقص الكوادر الطبية المتميّزة التي هاجرت خارج القطر، وبين نقص الأجهزة والمعدات في المشافي، ناهيك عن خروج عدد كبير من المراكز الطبية خارج الخدمة وسيطرة القطاع الخاص الذي غالباً ما يتميّز بالابتزاز والتعامل بعقلية التاجر وليس الطبيب، أما نقص الأدوية في تلك المراكز والمشافي فيعتبر المشكلة الأقل أهمية بالنسبة لواقع أصبح مأساوياً بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، لأن التعايش مع المرض أصبح أرحم بكثير من أزمة دخول  المشافي، وخاصة العامة، وهنا لا نريد أن نظلم القلّة القليلة التي تسعى لخدمة المواطن ومساعدته في هذا القطاع، والتي لا يمكن لها أن تغيّر واقعاً صحياً بات بحاجة إلى إعادة ضبطه من جديد، وتشديد الرقابة عليه للارتقاء به وتفعيله لخدمة المجتمع وفتح الأبواب أمام جميع المواطنين وخاصة الفئات غير القادرة على تحمّل أعباء المشافي الخاصة.

معظم المشافي الخاصة لا تخضع للمعايير والشروط لبناء أو افتتاح مشفى وبدون ذكر أسماء، فمعظم هذه المشافي توجد ضمن أبنية سكنية لا ترتقي لمستوى عمل مشفى كامل يتطلّب أجهزة ومعدات وأسرّة وغير ذلك، ناهيك عن غياب أجواء الهدوء والتعقيم والخصوصية في تلك المشافي، حسب آراء العديد من الأطباء والمهندسين الذين التقيناهم في معايير وجود المشافي الخاصة، وانسجامها مع البيئة الصحية والحفاظ على معاييرها ورفع مستوى جودة المشافي الخاصة، وأكدوا أنها بحاجة إلى إعادة دراسة، ولفتوا إلى الجهود التي تُبذل بشكل دائم لرفع سوية الخدمات الصحية المقدّمة في المشافي الخاصة من قبل الجهات المعنية، وفي سبيل ذلك تمّ تفعيل إعادة توصيف المشافي، بما يتناسب مع المعايير الاعتمادية العالمية، وتشديد الرقابة على المشافي الخاصة، ورفع جودة الخدمات الصحية المقدمة في المشفى من خلال العمل على إعادة تفعيل الأقسام  المغلقة ضمن المشافي، مع فرض رقابة شديدة على ذلك، والعمل على تحديث القوانين والأنظمة المتعلقة بمقدار  الغرامة في حال وجود مخالفة بالتعاون مع الجهات المختصة.

ورغم الجهود التي تبذلها وزارة الصحة لرفع مستوى أدائها على مستوى القطر، إلا أنها وقعت في ثغرات لم يعد من السهل عليها الخروج منها، إلا إذا كانت هناك خطة عمل حقيقية تقدّمها بما يخصّ قلة المراكز الطبية والمشافي العامة، وسوء الخدمة فيها وتقهقرها أمام القطاع الخاص الذي لا يتمتّع بالجودة التي تتناسب على الأقل مع الأسعار الانتهازية التي يفرضونها على المرضى، ولا بدّ لنا من أن نذكر السمعة الطيبة التي حققتها مشافينا العامة لسنوات عديدة من حسن المعاملة والاهتمام بالمرضى، وعدم التمييز بين فلان وفلان، ووجود نخبة كبيرة من الأطباء المتميزين فيها وتفوقها على الخاص، ورغم غياب جميع هذه الجوانب في مشافينا العامة إلا أنها ما تزال تلاقي تلك الثقة الكبيرة من كافة المواطنين والأغنياء قبل الفقراء، وهذا ما يمكن أن نعتبره قاعدة أساسية وأرضاً صلبة لإعادة النهوض بالقطاع الصحي وبناء مشافٍ حكومية تخصصية للأمراض الخطرة كالسرطان والفشل الكلوي وغيرها.