اقتصادصحيفة البعث

الأعمال المنزلية تؤمن فرص عمل للنساء.. تنقذ العائلات من “الحاجة”

دمشق – البعث

مشروعات صغيرة ومتوسطة حاضنة للطاقات الوطنية البشرية والمادية بما يحقق أعلى درجات المنفعة الاقتصادية والاجتماعية” هذه هي الرؤية التي دخلت منها الكثير من المشاريع إلى ساحة التنفيذ لتحقيق أهداف واضحة تتمثل بزيادة مساهمة المشروعات الصغيرة والمتوسطة في النمو الاقتصادي، وزيادة حجم الابتكار والإبداع بما يسهم في تحسين الواقع الاقتصادي المتردي لآلاف العائلات التي باتت على خط الفقر والتي باتت بحاجة إلى تأسيس مشروعات تجارية خاصة بهن تنطلق من المنازل وترتكز على تقديم منتجات قائمة على الحرف والصناعات اليدوية، بالإضافة إلى المأكولات المنزلية التي تعد حالياً الأكثر طلباً من الأسر المنتجة التي لاقت أفكارها من المنازل في تشغيل النساء حماساً واضحاً في المجتمع  السوري، وما يدل عليه ذلك الانتشار الكبير للسيدات والفتيات العاملات من المنازل وما تجده منتجاتهن من إقبال ما دفع بالمزيد منهن إلى خوض التجربة والدخول في زمرة الأسر المنتجة أو السيدات العاملات من المنازل.

ويلاحظ أن ثمة انتشارا لإعلانات كثيرة عن المنتجات المنزلية في شوارع المدن، وفي مواقع الأنترنت والتواصل الاجتماعي خصوصاً على فيسبوك وتويتر، لنساء عاملات بمهن مختلفة يقدمن منتجاتهن من داخل المنازل وخلال السنوات الماضية، وقد أسهمت أفكار العمل من المنزل في تشغيل أعداد كبيرة من الفتيات والسيدات السوريات في مشروعات حرفية ويدوية مختلفة يقف في صدارتها إنتاج المكدوس والمخللات والمربيات والخرز والصوف والخياطة والتطريز.

أم جابر واحدة من هؤلاء النسوة امتهنت الأشغال اليدوية الخياطة والتطريز وتعمل بمفردها، تقول: أستمتع بالعمل في وقت فراغي وأسعد كثيراً بإنتاجي والعمل داخل المنزل أكثر راحة صحيح أن الوظيفة تضمن دخلاً ثابتاً ولكن عمل البيت أكثر إنتاجية، وتتابع: عملي بدأ برأسمال خاص ومبيعاتي تشمل جميع المناطق ولكن أغلب الطلبات تأتي من معارفي وبذلك تحررت من الارتهان لأحد سواء كان قريباً أو بعيداً، وكنت سابقاً أستجدي زوجي أو أهلي ببضع ليرات اليوم أنا أقدم لهم وهذا عزز قراري وشخصيتي.

وتذكر فاديا أنها تنتج أكلات متنوعة مثل المحاشي والكوارع وحتى المكدوس والمخلالات والحلويات، وأنها قامت بتوظيف ثلاث بنات لتسويق تلك المنتجات على المراكز التجارية والأسواق والمخابز التي ترحب كثيراً بتلك المنتجات بعدما وجدت إقبالاً من المستهلكين الذين يرون أن المأكولات المنزلية مضمونة، وتحمل “نكهة” أكل المنزل نفسه. وتتابع: بدأت في تجهيز الطلبيات للمقربين مني في البداية وبعدها توسع العمل واشتهرت في المنطقة بالإنتاج الجيد والصحي وحالياً أفكر في توسيع العمل بتشغيل المزيد من الفتيات.

وتضيف فاديا بأن عملها من المنزل وفّر عليها دخلاً مقدراً دون أن تتحمل تكاليف كبيرة ونصحت الفتيات السوريات الباحثات عن العمل بالاتجاه إلى العمل من المنزل خصوصاً ممن يمتلكن مهارات في الأعمال اليدوية والحرفية وبهذا الدخل المحترم استطعت تعليم أولادي الذين يدرسون الآن في كلية الصيدلة  والهندسة.

الدكتورة في علم الاجتماع، نائلة القاضي، بينت أن الأوضاع الاقتصادية أدت إلى ارتفاع الأسعار واختفاء العديد من الضرورات المعيشية الأمر الذي زاد الأمر صعوبة على النساء المعيلات لأسرهن واللواتي ازداد عددهن، الأمر الذي اضطر كثيرات بالفعل إلى مزاولة مهن غير لائقة اجتماعياً. وهذا ما زاد من شدة الضغط النفسي وظهور الاضطرابات النفسية والسلوكية والاجتماعية عليهن الأمر الذي يتراكم حالياً وسينفجر في وقت لاحق بشكل أكثر حدة مما سينعكس سلباً على أسرهن وعلى أطفالهن بالذات. فالمرأة التي تمارس عملاً غير مُرضٍ بالنسبة لها ستعاني من ضعف تقدير الذات وتقدير المجتمع الأمر الذي يخلق نساء فاقدات الثقة بأنفسهن وبالمجتمع حولهن ويولد نقمة تجاه كل ما تسبب لهن بذلك في وقت هن غير قادرات على تغيير واقعهن فإنهن سيلجأن لاشعورياً لآليات دفاعية ستكرس الصور النمطية السلبية الموجهة ضد المرأة فتدفع بذلك مرات ومرات ثمن العنف والقهر الذي يتعرض له المجتمع.