الإدارة السيئة للتربة وتدهور الغطاء النباتي ينذران بخسارة الكربون العضوي في الترب
دمشق – ميس خليل
للكربون العضوي في التربة أهمية بالغة من خلال المحافظة على صحة وخصوبة التربة وخدمات النظام الإيكولوجي، وبالتالي تعزيز الأمن الغذائي بما يحقق أهداف التنمية المستدامة، فالتربة ذات المحتوى العالي من الكربون أكثر إنتاجية، و-بحسب الدكتور – منهل الزعبي مدير إدارة الموارد الطبيعية في الهيئة العامة للبحوث العلمية الزراعية تحدث خسارة هذا الكربون في سورية بشدة نتيجة تغيير استخدام الأراضي وتدهور الغطاء النباتي والإدارة السيئة للتربة، إضافة للتغيرات المناخية ما يسبب ارتفاع درجة الحرارة وبالتالي تدهوره السريع، كما أن إزالة الغابات تتسبب بنحو 25% من فقدان الكربون العضوي في التربة.
وذكر الزعبي أنه قد تضمن مفهوم الكربون العضوي في التربة في رصد مؤشر SDG 15.3.1، حيث أصبح مخزون الكربون فوق الأرض وتحتها واحدة من ثلاثة مؤشرات فرعية لتحديد نسبة الأراضي التي تدهورت على المساحة الكلية للأراضي، حيث انخفضت كمية الكربون العضوي في الترب السورية من 332980 طن في العام 2010 حتى وصلت إلى 285440 طن في العام 2022.
ويمكن تخفيف تدهور هذا الكربون من خلال الحفاظ على مخزونات الكربون الموجودة في التربة (بالخصوص التربة التي تحتوي على نسبة عالية من الكربون العضوي)، أو عن طريق حجز الكربون في التربة، والإدارة المستدامة للتربة وإعادة تأهيل الأراضي المتدهورة، يمكننا التخفيف من آثار تغير المناخ وتحسين الأمن الغذائي، بالإضافة إلى إعادة تأهيل التربة في الأراضي الزراعية والمتدهورة (يمكن أن تزيل ما يصل إلى 51 مليار طن من الكربون من الغلاف الجوي عالمياً) ، كما أنه يمكن تخفيف هذا الكربون من خلال استخدام الممارسات الزراعية الجيدة مثل تغطية المحاصيل، وتقليل الحرث، والدورة الزراعية، والأسمدة العضوية، والرعي الدوري وتجنب الرعي الجائر يساعد على زيادة الغطاء النباتي وتقليل ضغط التربة، ومن خلال إعادة التشجير عبر زراعة الأشجار والغابات، بحيث تساعد الأشجار والغابات على تحسين محتوى الكربون العضوي في التربة وصحة التربة عن طريق زيادة مدخلات المواد العضوية، والحد من انجراف التربة، وتحسين نفاذية التربة للمياه.
وبين مدير إدارة الموارد الطبيعية أن التربة تستضيف أكبر تجمع للكربون الأرضي وتلعب دوراً حاسماً في ميزان الكربون العالمي من خلال تنظيم العمليات الكيميائية الحيوية الديناميكية وتبادل الغازات المسببة للاحتباس الحراري مع الغلاف الجوي، مشيراً إلى أن المتر الأول من التربة في جميع أنحاء العالم يحمل ما يقدر بـ 1417 جيجا طن من الكربون – وهو تقريباً ضعف الرقم في غلافنا الجوي وعشرات المرات مستويات الانبعاثات التي من صنع الإنسان في كل عام في أعماق أكبر، وتحمل التربة ثلاثة أضعاف الكربون في الغلاف الجوي.
وبين الزعبي أن حجز الكربون في التربة متأصل بشكل أساسي في دورة الكربون أثناء عملية التمثيل الضوئي للنباتات، فإنها تمتص ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي وتحوله إلى مادة عضوية من خلال عملية تعرف باسم تثبيت الكربون، وفي النهاية يجد جزء من هذه المادة العضوية طريقه إلى التربة، وبمرور الوقت، تتحول هذه المواد الغنية بالكربون إلى أشكال مستقرة من الكربون يمكن أن تظل حبيسة التربة لعقود أو قرون، ويعد احتجاز الكربون في التربة عملية طبيعية حيوية تحافظ على توازن دورة الكربون، ولكن حتى الآن لازالت التربة مصدراً للغازات المسببة للاحتباس الحراري وذلك من خلال خسارة هذا الكربون وتحوله إلى الشكل الغازي وانطلاقه إلى الغلاف الجوي.