الأسواق الشعبية القديمة معالم تراثية حاضرة
اللاذقية – مروان حويجة
لم تعد الأسواق الشعبية القديمة بمنأى عن الزحف العمراني الحديث، الذي يلقي بظلاله على التراثي القديم، و هذا ما يدفع أكثر نحو الاهتمام المطلوب لحمايتها والحفاظ عليها لما لها من أهمية ثقافية وحضارية وتراثية بالغة، ناهيك عن كونها معالم وأماكن شاهدة على ذاكرة مدينة اللاذقية القديمة وتراثها العمراني ونسيجها المعماري القديم.
ولا يخفى تفرّد هذه الأسواق الآخذة في الانحسار النسبي، بمسمياتها الملتصقة بنوعية المهن والحرف التي كانت تحتضنها وتشتهر بها، والتي استمدت تسميتها منها على مدى العقود والسنوات الماضية. وإذا كانت هذه المعالم الهامة – كما يراها كثيرون – تعكس و تلخص بعضاً من جوانب تراثية وحرفية ومهنية، فإنّ الضرورة تستوجب الحفاظ عليها وحمايتها ضمن خطط وبرامج حماية المدينة القديمة.
ولعلّ الميزة الجاذبة والفارقة في هذه الأسواق أنها لا تزال تتفرّد برغم تحديات الزمن، بطابع التخصص المقترن بما يتم تداوله من منتجات وسلع أو بشكل تصميمها أو ارتباطها بمهنة، كسوق الصاغة، وسوق الداية، وسوق البالة وسوق البازار، وسوق السمك، وسوق العطّارين، وسوق الصفن، والسوق المقبي، وغيرها من أسواق شعبية تراثية تتوضع بمجملها في النسيج العمراني للمدينة القديمة التي تشتهر بهذه الأسواق العريقة التي تحوّلت مع الزمن إلى مقصد للتسوّق و التنزّه و التجوال فيها، ولاسيما أنّ بعضها كالسوق المقبي يتميّز بتصاميم معمارية تراثية، وبنوع حجارتها وشكلها وسقفها المرتفع وجدرانها وأعمدتها، وفي أروقة هذه الأسواق نجد حرفيين يزاولون مهنة تراثية ورثوها عن الآباء والأجداد، ومنها ما يعود إلى عقود طويلة من الزمن، وبعضها أقدم من ذلك، ومن المهن التراثية المرتبطة بالبيئة البحرية والشاطئية كالصيد وصناعة أدواته وغيرها من مهن تراثية لها طابعها ورونقها ودلالتها المكانية والتراثية والجمالية .