أربعائيات.. عالم متعدد الأقطاب أم متعدد القوى؟؟؟..
مهدي دخل الله
يعيش العالم اليوم، من الحدود الشرقية للصين وحتى الحدود الشرقية للولايات المتحدة، آلاماً مزدوجة سببها حشرجة احتضار نظام القطب الأوحد من جهة، وآلام ولادة نظام جديد من جهة أخرى …
موت أحادي القطب أصبح واضحاً كما يبدو، لكن المولود الجديد الذي طال انتظاره ما زال مجهولاً إلى حدِ ما، غالبية المراقبين يتحدثون عن نظام دولي (( متعدد الأقطاب )) فهل هذا التعبير مناسباً للأوضاع السائدة اليوم؟
لعله تعبير غير مناسب.. فمصطلح القطب في السياسة مستعار من علم الفضاء (استرونومي)، والقطب نجم متماسك يطلق الضوء وله قوة جاذبة ويجب أن تكون حوله مجموعة من الكواكب التي تتأثر به وتنجذب إليه وتعكس ضوءه؛ وفي السياسة لا بد للتركيب القطبي من نجم مؤثر وكواكب تابعة، خطوط التأثير هنا هي الأحلاف والروابط السياسية والاقتصادية والإيديولوجية التي تحقق بتبعية الكواكب لنجومها.
هكذا كان الاتحاد السوفييتي (النجم) بالنسبة لكواكبه (أوروبا الشرقية)، وهكذا كانت الولايات المتحدة بالنسبة لكوكبها (أوروبا الغربية وغيرها من الدول التابعة)، روابط التأثير كانت إيديولوجية (الشيوعية والرأسمالية) واقتصادية وحلفوية (وارسو والناتو).
هذه التركيبة القطبية لم تعد ممكنة في المستقبل، لذلك ستبرز مجموعة من القوى دون أحلاف وتبعيات، وإنما صداقات ومصالح.
المبدأ سيكون التمسك بالاستقلال، وهذا المبدأ منافِ تماماً للروابط القطبية.
واليوم نحن نرى أن ما يجمع الدول التي تحارب وتضحي من أجل نظام عالمي جديد هو مبدأ الاستقلال وليس مبدأ القطبية، وأهمها روسيا والصين وسورية وكوريا الديموقراطية وفنزويلا واليمن وإيران وكوبا وإلى حدِ ما الهند وجنوب أفريقيا وغيرها، لا يوجد لهذه المجموعة مركز جاذب، كما تتطلب البنية القطبية.
وبعيداً عن الأقطاب سيتكون النظام العالمي الجديد من مجموعة من القوى مثل روسيا والصين وأوروبا وأمريكا (خاصة بعد تفكيك الناتو) وكما ستكون هناك مجموعة السبعة وربما المجموعة العربية إذا استطعنا تفهم المنطق الجديد وبناء شبكة مصالح بين الدول العربية.