وجهة نظر…!!
بشير فرزان
من المفترض بعدما وصل إليه حال الصناعة بشكل عام، والقطاع العام الصناعي بشكل خاص، أن يتغيّر دور وزارة الصناعة ويرقى لمسمّى وزارة السياسات، بغية وضع سياسة عامة للصناعة بالتنسيق مع وزارة الزراعة، والاستفادة من المواد الأولية الموجودة في البلد، ومن الميزة النسبية التي تتمتّع بها بعض المواد الأولية الموجودة، والتي على أساسها تقوم صناعة تصديرية تؤمن قطعاً أجنبياً.
ولا شكّ أن استمرار الشكوى من قِدم خطوط الإنتاج التي تعود إلى الخمسينيات والستينيات، وهي اليوم عاجزة عن إعطاء الجودة المبتغاة للمنافسة في الأسواق، يرتب تكاليف أكبر بالصيانة وسوء المنتج التي تزيد بالتالي من التكاليف وارتفاع السعر الذي بدوره أيضاً يخرج السلعة من مضمار المنافسة، ولذلك لا بدّ من التقدّم في مسار التجديد ووضع خطط للتسويق من خلال التشبيك المباشر مع وزارة الزراعة والاتفاق على طريقة التسويق كشكل وحجم ونوع العبوة والتغليف، وكلّ ما يؤثر على ذوق المستهلك، إلى جانب دراسة السوق المستهدف، وهي خطوات يجب أن تتمّ قبل عملية التصنيع، فمثلاً القرار الصناعي يجب أن يتمّ بالتوازي مع دراسة كيفية عصر وتعبئة زيت الزيتون لاحتوائه على ميزات خاصة.
وللأسف حتى الآن لم تتمّ عملية الاستفادة من توفر المادة الأولية، كونها المرتكز الرئيسي لنجاح التصنيع الغذائي، حيث إن المشكلة تكمن بوضع الأولويات وتوزيع الأدوار ما بين القطاعين العام والخاص، والاستغناء عن بعض الصناعات لصالح الخاص ليهتمّ بها، والعمل بحرية ضمن قانون واحد ووضع خارطة زراعية للمرحلة المقبلة والتنسيق بين الوزارات، ولاسيما الزراعة، ووضع روزنامة لأهم المحاصيل التي يحتاجها البلد لخمس سنوات، إضافة للتشبيك بينهما لإنشاء معامل للتصنيع الغذائي في مناطق مناسبة.
ومن المؤكد اقتصادياً أن تصنيع المنتجات الزراعية يمنحها قيمة مضافة، ويساهم في تشغيل يد عاملة محلية ويحقّق موارد مالية بالقطع الأجنبي، لذلك لا بدّ من إيقاف عمليات تصدير أية مادة زراعية خام إن كان بالإمكان تصنيعها محلياً، وبشكل يحقق قيمة مضافة ويساهم في تسويق المادة المصنّعة خارجياً، وهذه المعادلة الاقتصادية ما زالت تنفّذ على الورق تحت غطاء الواقع الصناعي والاقتصادي الصعب رغم وجود الكثير من الأوراق الرابحة في هذا المجال بيد الجهات المسؤولة، ولكن الاختيار دائماً يكون بعكس المطلوب رغم ضخامة خسائره!.