صحيفة البعثمحليات

إعادة بناء الثقة!

غسان فطوم

نعود للحديث عن الإدارة، ومبعث العودة أن المرحلة القادمة التي سنشهد فيها تشكيل حكومة جديدة تحتاج لربان إداريّ ماهر، يعرف كيف يقود السفينة في الاتجاه الصحيح الذي يوصلنا إلى شاطئ الأمان الاقتصادي والاجتماعي، بعد سنوات طويلة من التخبّط وسط أمواج عاتية لأزمات عديدة.

في علم الاقتصاد والإدارة، هناك قاعدة فحواها: “لا توجد دولة متقدّمة ولا أخرى متخلفة، كما لا توجد مؤسّسة خاسرة، وأخرى رابحة، إنما هناك إدارة مبدعة عرفت كيف تصنع النجاح والتقدّم، حتى لو كانت الموارد ضعيفة، في حين هناك إدارة تصنع الفشل والتخلف رغم أن الموارد كثيرة”.

وعليه نقول إننا في سورية لم نحظَ بفريق اقتصادي مبدع عَرِف كيف يطوّق الأزمات ويتعامل معها، وهذا يعود إلى سوء الاختيار في هذا الجانب بالذات؛ فخلال الـ 13 عاماً الماضية فشلنا في تحفيز مختلف القطاعات، وخاصة الصناعية والزراعية المنتجة والتي هي عماد اقتصادنا، بمعنى لم نلحظ أي تدابير حقيقية للانتعاش الاقتصادي والمعيشي إلا ما ندر، وحتى فيما يتعلق بتشجيع الاستثمارات الممكنة داخلياً فشلنا أيضاً، وكلّ ذلك بسبب عدم وجود رؤية واضحة لتجاوز العقبات وإبداع المشروعات، ما أدّى إلى تفاقم المشكلات الاقتصادية والأزمة المعيشية وغيرها من المعاناة التي باتت أشبه بمسلسل مكسيكي طويل!

لا شكّ في أن استمرار الوضع على ما هو عليه في المرحلة القادمة التي نعلّق عليها آمالاً كبيرة سيهدّد بإنهاك اقتصادنا أكثر وأكثر، ويجعل الأزمة المعيشية تدور في حلقة مفرغة تفاقم أرقام معدلات الفقر، ونسب البطالة، واستمرار نزيف الهجرة، وغير ذلك من مشكلات تزيد من خيبات الأمل بحدوث تغيير ملموس!

بالمختصر، أكبر تحدّ يواجه الحكومة المنتظرة هو إعادة بناء الثقة بالدولة ومؤسساتها، لذا نحن نحتاج لكفاءات وخبرات تملك شغف العمل، ولديها إرادة إصلاح حقيقية في مختلف القطاعات، وتملك رؤية تنموية واضحة المعالم وبأهداف محققة خلال مدد زمنية قصيرة، عبر اتباع سياسات اقتصادية واجتماعية ومالية عادلة ومستدامة، فالناس تخشى من تكرار نغمة اجتماع الثلاثاء “السعي الدائم لتحسين الوضع المعيشي وزيادة أجور العاملين في الدولة”، من دون أن يكون هناك أي أفعال حقيقية، فهل سنحظى بفريق اقتصادي مبدع يعرف كيف يدير الأمور ويصف الحلول، وينتقل بنا من مرحلة الكيّ إلى وصف الدواء الشافي والمعافي من خلال خلق بيئة محفزة للعمل والإنتاج، وابتكار الحلول بالشراكة ما بين القطاعين العام والخاص؟!