اقتصادصحيفة البعث

وفق التصريحات والتقارير.. القطاع العام الصناعي يخرج من قيوده وأرباح الشركات بالمليارات!

دمشق – محمد العمر

باعتبار الصناعة عمود الاقتصاد الوطني، هناك خطوات مهمّة قادمة يتمّ العمل عليها ضمن خطة عمل الحكومة ووزارة الصناعة للعام الحالي للنهوض بالصناعة الوطنية والقطاع العام، وخاصة ما يضمن إزالة القيود المعيقة لتطويره، ويتماشى مع القطاع الصناعي الخاص من ناحية مرونته، ولاسيما أن هذا القطاع بات يسعى لمواكبة كلّ التغيرات واستقطاب كلّ ما من شأنه النهوض بالمنتج الوطني وتحسين واقع العملية الإنتاجية ضمن تأمين حاجة السوق المحلية من مختلف السلع والمواد. وتأتي البيانات الإنتاجية والأرباح من وزارة الصناعة، لتؤكد أن القطاع العام لا زال حيوياً ورابحاً، ومستمراً بريادة وتنافسية المنتج الوطني عالمياً، مع فتح أسواق جديدة بالاعتماد على جودة المنتج المحلي وأسعاره المعقولة.

مصدر في وزارة الصناعة أكد لـ “البعث” معاناة القطاع من عدة مشاكل مادية وفنية وتشريعية، وبعضها يتعلّق بقدم الآلات، الأمر الذي زاد من ارتفاع ديون القطاع العام، إلى جانب انخفاض عديد العمالة الفنية والخبيرة لدى الشركات، والأهم هناك بعض التشابكات الإدارية والمالية لدى الشركات، إلا أن هناك الكثير من الحلول المقدّمة للشركات المتوقفة والمتعثرة يتمّ الأخذ بها، ليكون أكثر من خيار مطروح يتمّ مناقشته لتغيير نشاط العديد من الشركات أو حتى التوسّع ضمن النشاطات في بعض الشركات والمؤسسات الصناعية.
وبيّن المصدر أن القطاع العام الصناعي، وعلى عكس ما يسوّق البعض من أنه خاسر ويستنزف موارد الدولة، يرفد الخزينة العامة للدولة بمئات المليارات من الأرباح السنوية، والدليل أرباح المؤسسات الإنتاجية الحالية في كلّ من الصناعات الهندسية والكيميائية والنسيجية والتبغ وغيرها. وحسب قوله، تستمر وزارة الصناعة بالحدود الممكنة والمعقولة بمراجعة وإلغاء وتعديل العديد من القرارات التي اتُخذت في ظروف سابقة، حيث تغيّرت حالياً الظروف التي أدّت إلى اعتمادها سابقاً، مع الإشارة إلى أنه لا يمكن النهوض بالصناعة الوطنية من دون التشاركية وإقامة المشاريع المشتركة مع القطاع الخاص.

وحسب بيانات وزارة الصناعة اليوم بلغت أرباح الوزارة والمؤسسات التابعة لها خلال النصف الأول من العام الحالي ٣٥٧ مليار ليرة، متجاوزة بذلك أرباح العام الماضي كاملاً والتي وصلت إلى ٣٤٧.٥ مليار ليرة. وفي تقريرها النصفي أوضحت وزارة الصناعة أن قيمة الإنتاج حتى نهاية حزيران الماضي وصلت إلى ٣٠٠٠ مليار ليرة، فيما وصلت قيمة المبيعات إلى ٣٨٠٠ مليار.
ورتبت الوزارة في تقريرها، المؤسسات والشركات التابعة لها بحسب الأرباح، فجاءت في المركز الأول الشركة العامة لصناعة وتسويق الإسمنت ومواد البناء والفروع التابعة لها بإنتاج تبلغ قيمته (1186) ملياراً ومبيعات (2600) مليار ليرة، وحققت أرباحاً خلال العام الحالي تزيد على (204) مليارات ليرة. وحلّت في المركز الثاني المؤسسة العامة للصناعات الهندسية بقيمة إنتاج (594) ومبيعات بمبلغ (312) ملياراً، وأرباح بقيمة (62) ملياراً، والمؤسسة العامة للتبغ بقيمة إنتاج (442) ملياراً ومبيعات (290) ملياراً، والشركة النسيجية رابعاً بقيمة إنتاج (317) ملياراً، ومبيعات (268) ملياراً وأرباح (17.5) ملياراً، وحلّت خامساً المؤسسة الغذائية بإنتاج قيمته (299) ملياراً ومبيعات (264) ملياراً وأرباح (29) ملياراً، وتليها المؤسسة العامة للصناعات الكيميائية بقيمة إنتاج ٨٩.٦ ملياراً، ومبيعات ٩٤.٥ ملياراً، وأرباح تجاوزت قيمتها ٢٩.٢ مليار ليرة.

معاناة!
الخبير الاقتصادي محمد القاسمي أكد أهمية القطاع العام الصناعي اليوم بكلّ تخصّصاته، وذلك كقطاع مهمّ وحيوي، باعتباره ركيزة أساسية من ركائز الاقتصاد السوري، واتضحت أهمية هذا القطاع على وقع الأزمة والحصار الاقتصادي واستمراره بالإنتاج رغم التحديات، لافتاً إلى أن القطاع العام بشكل عام يعاني من ارتفاع التكاليف الإنتاجية ومدخلات الإنتاج، جراء ارتفاع أجور الشحن الداخلي وقدم خطوط الإنتاج، وعدم توافر قطع التبديل الأساسية، حيث إن تأمين القطع التبديلية من الخارج، وخاصة بالمؤسسات الهندسية والنسيجية وغيرها، أصبح يكلف أضعافاً مضاعفة بسبب الحظر والزيادة في استجرارها.
وأشار الخبير القاسمي إلى أن سبل تطوير القطاع الصناعي والارتقاء به، تكون بالعمل الجاد على إحداث تشريعات وقوانين تتناسب مع البيئة الحالية للاستثمار، وإيجاد إدارات مستقلة منفتحة قادرة على تطوير شركاته العاملة والمتعثرة، وتوفير العمالة المدرّبة، والحفاظ على الكوادر البشرية صاحبة الخبرة،
وأوضح القاسمي أن القطاع الصناعي العام بدأ بالتعافي التدريجي نتيجة خطط ورؤى مستقبلية تتوافق مع الواقع الحالي، ومنها حلّ مشكلة التشابكات المالية والإدارية، والجميع يرى قرارات الدمج لعدة مؤسّسات صناعية ضمن اتخاذ الخطوات الملموسة والتدابير لمعالجة المشكلات المعترضة لسير العملية الإنتاجية، وقد تمثل أولها وكان بداية الطريق بعودة الصناعيين إلى منشآتهم في المدن والمناطق الصناعية، وتقديم كلّ الخدمات الممكنة وفق الموارد المتاحة من تأمين حوامل الطاقة مع تبسيط الإجراءات وتقديم التسهيلات وتجهيز البنية التحتية في المدن والمناطق الصناعية لضمان عودة واستمرار العملية الإنتاجية لجميع المنشآت الصناعية والحرفية، إضافة إلى إصدار عدة قرارات جديدة تصبّ في خدمة الصناعيين والعملية الإنتاجية والتسويقية من تأمين مستلزمات الإنتاج، وحماية المنتج المحلي، واستخدام قطع التصدير في تمويل المستوردات، وتبادل المواد الأولية والمصنّعة فيما بين الصناعيين، ودعم الإدخال المؤقت بقصد التصنيع وإعادة التصدير وغيرها من الأمور التي تشكّل بيئة خصبة للصناعة بشكل مجمل.