جريمة “مجدل شمس” وعدو مستفيد بيّن
تقرير- بشار محي الدين المحمد
منذ ظهر أمس والناطقون المهرجون باسم جيش الحرب الإسرائيلي يملؤون صفحات التواصل الاجتماعي صخباً وتصريحات تقطر سماً بحق المقاومة الوطنية اللبنانية، مدّعين أن ضحايا جريمة مجدل شمس هم مواطنون “إسرائيليون” رغم أنهم من أهلنا في مجدل شمس الذين رفضوا الهوية الإسرائيلية، وتشبثوا بانتمائهم العربي السوري الأصيل رغم الوحشية الإسرائيلية بحقهم وسيناريوهاتها المتعدّدة المتجدّدة، وليس آخرها نزع ملكية أراضيهم الزراعية بذريعة تركيب مزارع توربينات ريحية لتوليد الكهرباء.
كما حاول هؤلاء إلباس المقاومة جريمة لم ترتكبها أمام الرأي العام داخل الكيان الصهيوني وخارجه، وداخل المنطقة وخارجها.. جريمة قتل لا يمكن أن يكون فاعلها إلا جيش غدرهم الحاقد لأسباب عديدة.
إن المقاومة لا يمكن أن تتعمد افتعال هذه الجريمة لسبب وجيه، هو أن افتعال الجريمة سيكون سببه الأوحد استعطاف الرأي العام الدولي. فهل من المعقول أن يتحرك الرأي العام العالمي ضد الإجرام الإسرائيلي عبر عشرات من الضحايا، في حين أنه تغاضى وتعامى عن استشهاد عشرات الألوف من الأجنة والأطفال والنساء والشيوخ في غزة والضفة الغربية المحتلة، إضافة إلى غيرهم من الضحايا المدنيين في سورية وجنوب لبنان واليمن بشكل متزامن.
يمكننا تذكر مجريات حرب تموز عام 2006، عندما كانت المقاومة اللبنانية تمتلك تقنيات أضعف، وإمكانيات أقل، حيث حدث وللأسف أن وقع صاروخ على قرية عربية داخل الأرض المحتلة وخلّف شهداء، ولم تتوانى المقاومة في حينه من إصدار بيان واعتذار عمّا حصل وتقبله أهلنا هناك بكل رحابة صدر محملين المسؤولية لجيش الاحتلال، بل تبع ذلك خطابات وبيانات وخرائط عديدة من جانب المقاومة تدعو أهلنا العرب ضمن كيان الاحتلال إلى الابتعاد عن الأماكن التي حدّدتها المقاومة كأهداف لها.. ولا نعتقد أن هناك أبلغ من تلك الأدلة لنفي فرضيات “خطأ المقاومة”، فضلاً عن أنها الآن تمتلك تقنيات غاية في الدقة والتصوير والمراقبة.
ومنذ بدء العدوان على غزة وحتى تاريخه لم تسجل أي حادثة، أو حتى نيران صديقة من جانب المقاومة، وصدق وموثوقية إعلامها يشهد بذلك ويشيد به جمهور العدو بالفم الملآن في معرفة مجريات أي حرب أو عملية عسكرية، فيما يبخل ساستهم الفاشلون بالإدلاء بأي تصريح أو تفاصيل حولها.
تقول قواعد العلوم الجنائية: “إذا أردنا معرفة فاعل الجريمة، فعلينا معرفة المستفيد”.. وبالتأكيد في خضم هذا الظرف والمناخ السياسي على مستوى المنطقة والعالم لا يوجد مستفيد من هذا الحدث الجلل سوى حكومة التطرّف والإجرام في تل أبيب، عبر تكالبها لانتهاز أي متغير في المنطقة والعالم لتجييره لصالحها، وخاصةً في ظلّ انشغال العالم بمجريات الانتخابات الأمريكية، والانتخابات الأوروبية، وخوفها مما قد تولده من متغيرات في السياسات الغربية تجاه الشرق الأوسط، وتباين بين معارض ومؤيد لتوسيع أو تضييق دائرة الصراع فيها، في ظلّ هبوب بعض غيوم التفاؤل والإيجابية فوق سماء المنطقة بفعل العديد من المتغيرات الجيوسياسية الإيجابية.
تحاول “إسرائيل” زرع وتنمية الفتنة والانقسام في الشرق الأوسط بعد قطع شعوبه أشواطاً في التلاحم والتعاضد خلف نهج المقاومة بعد تطويقهم عوامل القطيعة والخلاف، ولا سيما مع انطلاق “طوفان الأقصى”، وبالتوازي، فإن أهلنا المكلومون في الجولان السوري المحتل هم أعلى وأكبر من أن تنطلي عليهم حيل ومؤامرات تنسجها حثالات بشرية وإعلامية لا غاية لها سوى إنقاذ ما تبقى من كيان مأزوم مهتزّ مقسوم.