حكومة التحول!!
بشير فرزان
يترقّب الشارع السوري الكثير من التغييرات التي يأمل أن تلبي تطلعاته، وخاصة مع اقتراب بدء مرحلة جديدة على صعيد الحياة البرلمانية، وما يتبعها من إجراءات ستطال السلطة التنفيذية، حيث ينتظر الناس أي خبر يتعلّق بحياتهم المعيشية. ولا شكّ أن الموضوع لا يتعلّق بزيادة الرواتب والأجور التي لا تزال عالقة في شباك النسب المئوية، بل بالحالة الاقتصادية العامة التي تشير إلى ضعف عام في الحركة التجارية والمعيشية ومناخ اجتماعي ينبئ بالمزيد من التدهور.
ولا شكّ أن نتائج الإخفاق المتكررة في حلّ ومعالجة الكثير من الملفات المتعلقة بحياة المواطن، سواء في المياه أو الكهرباء أو النقل والمحروقات، وتحسين الوضع المعيشي، قد تضغط بقوة على حالة الترقب لما هو قادم، إلا أنها في الوقت نفسه ترفع من نسب الثقة بالقرار الجريء والنهج الاقتصادي الذي سيتمّ تبنيه على قاعدة العدالة الاجتماعية التي سيكون لها دور كبير في تحقيق التوازن المجتمعي، ولجم هياج الثراء الفاحش لدى البعض على حساب الغالبية العظمى من المواطنين التي تتحرك في مسارات “القاع المعيشي”، فانتشال الدخل الأسري من حالة العجز لا بدّ أن يكون في مقدمة أولويات الحكومة القادمة، بحيث يكون الحشد لتنفيذ هذه السياسة واقعياً وليس خطابياً إعلامياً، حيث يتمّ تفصيل المؤشرات والأرقام لدعم وهم الإنجاز، في الوقت الذي تصل فيه الأمور إلى الحضيض بكلّ ما تعنيه هذه الكلمة من انتكاسات دائمة ومتكررة.
وطبعاً “التحول” المعيشي الشامل الذي يراود مخيلة الناس ليس بالأمر الصعب أو المستحيل، رغم قساوة الظروف وضخامة التحديات، فالحلول موجودة ومتوفرة بما يتناسب مع الإمكانيات، وخاصة إذا توفرت الإرادة الصادقة للإصلاح والعمل والإدارة القادرة على التنفيذ بمختلف مستوياته والضمير المندرج ضمن الحالة الوطنية والانتماء الحقيقي، وبذلك لن يضلّل العمل الإصلاحي وسيكون هناك حلحلة للملفات العالقة في الأدراج الحكومية.
وإذا كانت الظروف الصعبة تفرض علينا أن نقف مع أنفسنا ومع حكومتنا كمواطنين، وأن نعي حقيقة التحديات، إلا أن ذلك لا يحرمنا من حق المطالبة باتخاذ القرار القادر على سدّ الفجوة المعيشية الكبيرة بشكل يعزّز من حقيقة صمود المؤسسات وقوة حضور الدولة ككل في حياة الناس، وبالتالي من المفترض أن تكون الحكومة القادمة حكومة انقلاب على ظروف الحرب وتداعياتها وصاحبة القرار الجريء والمساءلة والمحاسبة ورفع الغطاء عن كلّ فاسد ومفسد، بحيث تطوى ملفات كثيرة ويمحى من ذاكرة الحياة الاقتصادية والشعبية والوظيفية كل من له باع في النهب وسرقة لقمة عيش المواطن.