هل اقتربت المفاوضات الروسية – الأوكرانية ؟
تقرير- ريا خوري
بعد مرور نحو سنتين وتسعة أشهر على العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا، لم يتمكن الغرب الأمريكي – الأوروبي من تحقيق أي نصر له عبر الأدوات الأوكرانية ضد الجيش الروسي القوي. لذا فكان لا بدَّ من الجلوس إلى طاولة المفاوضات للبحث عن تسوية سياسية ترضي الطرفين، لأن استمرار الحرب يعني المزيد من استنزافهما بشريّاً وماديّاً من دون طائل، وأنَّ رهان القيادة الأوكرانية على الدول الغربية الأوروبية بشكلٍ عام والولايات المتحدة الأمريكية بشكلٍ خاص بتحقيق الانتصار على روسيا الاتحادية كان أقرب إلى الوهم والآن صار وهماً حقيقياً.
لقد أدركت القيادة الأوكرانية في وقتٍ متأخَّر أنّه يتم استخدام أوكرانيا وجيشها وشعبها ومقدراتها بيدقاً في رقعة الاستراتيجيات الأمريكية – الأوروبية (الناتو). وعليه أعلن الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، عن استعداده التام لعقد مفاوضات على أعلى المستويات مع القيادة الروسية، على الرغم من قرار الحكومة الأوكرانية عدم التفاوض مع قادة الكرملين، وتأكيده خلال اجتماعه مع بيترو بارولين وزير خارجية الفاتيكان، أنّه يجب علينا إنهاء الحرب الدائرة في بلادنا في أسرع وقت ممكن، كما أعلنت روسيا الاتحادية استعدادها للتفاوض مؤكدةً على فكرة أنه على روسيا أن تفهم أولاً مدى استعداد الجانب الأوكراني لهذا الأمر، ومدى حصول القيادة الأوكرانية على الإذن بذلك من المسؤولين عنها من الولايات المتحدة الأمريكية والغرب الأوروبي.
كذلك أكّد الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، خلال اجتماعه مع قيادة وزارة الخارجية، استعداد بلاده للمفاوضات بين الجانبين لوضع حدّ للمأساة الأوكرانية. في السياق نفسه، نشطت الاتصالات الدبلوماسية الدولية بين أكثر من عاصمة بحثاً عن حلول تؤدي إلى المفاوضات، ووقف الحرب الساخنة، من بينها جولة فكتور أوربان رئيس وزراء هنغاريا (المجر)، التي شملت العاصمة الأوكرانية كييف، والعاصمة الروسية موسكو، وبكين، وواشنطن الولايات المتحدة، خلال الشهر الجاري، حيث تقدّم بخطة لإنهاء الحرب قام بتسليمها إلى العواصم المعنية، كذلك قام ديمترو كوليبا وزير الخارجية الأوكراني، بزيارة إلى بكين، والتقى نظيره الصيني، وانغ يي، حيث اتفقا على أن تعمل جميع الأطراف معاً، لإيجاد أرضية مشتركة للطرفين، ونقاط تلاقٍ على طريق استعادة السلام الحقيقي في المنطقة، لأن أوكرانيا تحتاج إلى سلام حقيقي، وليس مجرّد وهم.
من الواضح أنَّ أجواء سياسية جديدة تجري في العالم توحي بأن الجميع بات يسلّم بضرورة وضع حدّ لهذه الحرب الساخنة من خلال المفاوضات المباشرة وغير المباشرة، لكن الأمر يحتاج إلى بعض الوقت لتهيئة الظروف المناسبة من جهة، ومن جهة أخرى، التوصل إلى صيغة توافقية تؤدي إلى تجسير العلاقات الروسية – الأوكرانية، وسدّ الفجوات بين مطالب البلدين، إذ تطالب القيادة الأوكرانية بانسحاب القوات الروسية من المناطق التي استعادتها، بما فيها شبه جزيرة القرم، وضمان استقلالها التام، وسيادتها، فيما تدعو روسيا الاتحادية إلى انسحاب القوات الأوكرانية من لوغانسك، ودونيتسك، ومقاطعتَي زابوريجيا، وخيرسون وعلى أن تتخلى أوكرانيا عن السعي للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وعلى أن تكون أوكرانيا دولة محايدة، وخالية من الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل.