هل ينزع طوفان الأقصى خاتم الألماس من يد “إسرائيل”؟
البعث- وكالات
ارتبط الاقتصاد الإسرائيلي بالألماس منذ عقود، وظلّ الألماس أحد الأعمدة الرئيسية لاقتصاد الحركة الصهيونية وإسرائيل، ومكوّناًً رئيسياً في هوية اقتصادهما وتوسيع وتعزيز شبكة علاقاتهما، وقد واجهت تجارة الألماس عالمياً في السنوات الأخيرة العديد من الصدمات، ومع اندلاع عملية طوفان الأقصى في 7 تشرين الأول 2023 وما تبعه من جرائم الإبادة الجماعية التي ترتكبها “إسرائيل” في قطاع غزة، تلقى قطاع الألماس في الكيان المحتل – أحد أعمدة الاقتصاد الإسرائيلي والصهيونية التاريخية – صدمة قوية.
ففي شرين الثاني الماضي، انخفضت واردات إسرائيل من الألماس الخام إلى الربع، وانخفضت صادراتها بمعدل 68.16% مقارنة مع تشرين الثاني 2022، وذلك لتعطّل سلاسل الإمداد عقب تعطّل ممرات التجارة البحرية السابقة عبر باب المندب، وارتفاع الكلفة والآجال الزمنية للشحن والنقل للطرق البديلة ولعزلة إسرائيل دولياً وعالميا.
ويمكن تتبع وقياس ذلك على المستوى الرسمي من مواقف وتصريحات الدول والمؤسسات الدولية، وعلى رأسها الأمم المتحدة ونتائج التصويت على قرار العضوية الدائمة لدولة فلسطين في الأمم المتحدة، وعلى المستوى الشعبي من حجم واتساع الاحتجاجات والمظاهرات الداعمة للقضية الفلسطينية واتساع رقعة الانتفاضة الطلابية، وفشل “إسرائيل” في التحدي العسكري والأمني والاستخباراتي أمام طوفان الأقصى والجبهات المساندة، وبوصفها كياناً غير عقلاني وفاقد للتوازن الإستراتيجي والخطوات المحسوبة، وكيان غير أخلاقي وعنصري يمارس الإبادة الجماعية، مما سيزيد من عزلته الدولية ويؤثر سلباً في قدرته على جذب الاستثمارات الخارجية وبناء الشراكات التجارية.
وإلى جانب ذلك هناك الأزمة الاقتصادية التي ضربت كافة قطاعات الاقتصاد في “إسرائيل” نتيجة التكاليف المباشرة وغير المباشرة للحرب، وآثارها في مختلف المؤشرات الاقتصادية، وانعكاس ذلك على انخفاض التصنيف الائتماني العالمي لـ “إسرائيل” وتأثير طوفان الأقصى في تعطيل مخططات جيوإستراتيجية واسعة مثل مشروع الممر الهندي الشرق أوسطي الأوروبي.
ولن تنتهي الآثار الاقتصادية للأسباب المذكورة في المنظور القريب، بل تتخذ طبيعة إستراتيجية بعيدة المدى، الأمر الذي يضع العديد من المخاطر العالية أمام قطاع الألماس الإسرائيلي، الذي يعتمد في معظمه على العلاقة مع الهند والدول الأفريقية المحتضنة لمناجم الألماس.
ومن أهم هذه المخاطر تقلّص حجم تجارة الألماس البينية مع الهند، خاصة وأنّ بعض شركات الألماس الهندية شرعت في بداية العام الجاري (2024) في تصميم إستراتيجيات تسويقية لا توجد “إسرائيل” في مركزها. ومنع الشركات الإسرائيلية من العمل في بعض الدول الأفريقية بعد القضية التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل، وبعد قرار 5 دول أفريقية في الثامن من أيار الجاري وقف شحن البضائع إلى إسرائيل، في سياق صحوة أفريقية متصاعدة منذ سنين نحو استعادة السيادة على الموارد والتخلّص من تركة الاستعمار.