أدباء السويداء يلاقون مأساة مجدل شمس.. جسر تواصل وشريان كرامة
السويداء- رفعت الديك
“يا الجولان ويا اللي ما تهون علينا.. ردادينك من إيد المحتل انطرنا” هي الأغنية الأكثر شعبية في جبل العرب وتتغنى بالجولان، وقد تكون من أولى الأغاني التي يردّدها أبناء الجيل في مناسباتهم الوطنية والقومية، كذلك في أعراسهم وأفراحهم، ولمجدل شمس أيضاً نصيب من الأغاني فيقولون: “مجدل شمس ويا عزتنا وأخبارك يا ما هزتنا.. ياللي ما رضيت الهوية إلا عربية سورية”.
وليس غريباً أن ينبري الشعراء والأدباء فور وقوع جريمة الصهاينة في مجدل شمس للتعبير عن حزنهم وغضبهم وكل المشاعر التي فاضت في داخلهم فها هي الشاعرة جدعة أبو فخر تعبّر عن وجعها من هول الحادثة فتقول:
أنا لست على ما يرام
شيءٌ ما في داخلي يحترق
وهذا الخافق على يساري
لا يكف عن نبض الوجع
أنا لست على ما يرام
رائحة شواء أحلامهم سكنت مسامي
خالطها عفن الضمائر
صورهم المعلقة على الجدار
تبصق ناراً في وجوهنا
أرواحهم تصعد نحو الجلجلة
فتلتف على أعناقنا
أرواحهم تلعننا
يرحلون بلا أكفان
بحفنة قصائد
وعلى الـ”فيسبوك” سنعلن الحداد
فنحن يا أولادي أمّة بلهاء
أمّة بلهاء
في الجولان الممتدة هضبته على مساحة 1860 كيلو متراً مربعاً كما يقول الشاعر حمد كيوان حيث ينبت التفاح مواويل تشبه النّدى وعينه التي هناك.. يزهر الشجر في الربيع كرزاً لعيون الصيف.. هناك لمواسم الحصاد أغانٍ، يجتمع الأهل، فاللمّة هناك لا تشبه غيرها، هي سردية للتحدي تفقأ عين المعتدي، موعدٌ موسميٌّ مع الصمود: “صامدون هنا.. صامدون هنا.. باتجاه الجدار الأخير.. وفي يدنا يلمع الرعب في يدنا.. في القلب غصن الوفاء النضير”.
بين بستان كرز، وبستان تفاح، وكرم عنب، يصعد الإيقاع الجولاني، تزهر الألوان، ويصير للأسماء في المدى الجولانيّ العالي دلالات جديدة لتكون في كل زمان قلب ينبض بالعروبة وفي كل موقف أو حالة استفزاز لضمير أبنائهم ينبض الفكر المقاوم ليلاقي تضحيات الأخوة في فلسطين وجنوب لبنان، ويضيف كيوان: “لنا في مجدل شمس قلب ينبض بالدم فيروي غزة بشريان أبهر ليكمل نبضه المقاوم في جنوب لبنان لينتعش جسد الأمة”.
وكان وما يزال الشاعر الحقيقي لسان حال مجتمعه فما يختلج بضمير المجتمع يترجمه الشاعر صوراً إبداعية تدخل القلوب وتحمل في طياتها رسائل ومواقف غضب وفرح، يقول هنا الشاعر باسم عمرو إنه في جبل العرب أصبحت حروف الشعراء أغنى من البيانات وأصدق من الخطب السياسية وأشمل اجتماعياً وأسرع، وصولاً إلى أفئدة المتلقين، وأهلنا في الجولان كتبوا أكثر من نصف قرن على جدار الزمن: “تربة وطننا لا نبيعها بالذهب… دم الأعادي نجبلو ترابها”، واليوم أثبتوا في هذا الامتحان العظيم أن مدرسة الكرامة الإبداعية صامدة متجذرة لن تهزها رياح الغدر، وما تسطره أقلامنا لهم ما هو إلا ترجمة لضمائر أشاوس جبل العرب ورسالة من دموع الحرائر في السويداء، فتصنع كلماتنا كأدباء جسر تواصل عاطفي وشريان كرامة بين الأهل، وسارع قلم الشاعر عمرو فور وقوع الجريمة البشعة في مجدل شمس ليكتب:
“الله يا مجدل شمس يا عيوني
جرحك بقلبي نازف وماله ضماد
دموع الجبل عن طيفكم يسألوني
كيف الرحيل يحل وأنتم لنا ولاد
حروفي تلاشت و القوافي خانوني
وذابت على جبين الوطن كل الأعياد”
لتتحول تلك القصيدة المهداة إلى أرواح طيور الجنة في مجدل شمس إلى أغنية يؤديها المطرب لؤي العقباني.