الدفع الإلكتروني.. سلبيات تبحث عن حلول بانتظار استكمال الجاهزية اللوجستية!
دمشق – محمد العمر
رغم إيجابيات خدمة الدفع الإلكتروني، ومنها سرعة الدفع والبعد عن الروتين والنمطية، إلا أنه ما زال هناك الكثير من السلبيات التي تحول دون نجاح هذه المهمّة لدينا. صحيح أنه أصبح لكلّ شخص حساب مصرفي وتطبيق للدفع الإلكتروني على جواله يستطيع من خلاله دفع كلّ الفواتير وهو في منزله أو متجره، لكن البنية التقنية لهذا الدفع ليست مكتملة بعد، وتغطيتها الجغرافية ما زالت ناقصة، عدا عن الفجوة الكبيرة في تطبيق المواطن لهذه الخدمة، وبين دخله الذي لا يزال دون حدود تلبية الاحتياجات الأساسية.
عضو غرفة تجارة دمشق محمد الحلاق أكد لـ “البعث” أن الدفع الإلكتروني يعزّز قوة الدفع والتبادل النقدي، ووجوده أمر طبيعي في كلّ دول العالم مع توفر البيئة والبنية المصرفية المستقرة لدى هذه الدول، وبالتالي عندما طبّقت هذه الدول خدمة الدفع الإلكتروني نجحت، لأن البنية التحتية كانت جاهزة لتطبيقها، لكن لدينا لا تزال هناك مشكلات فنية وتقنية تحول دون تنفيذ هذه الخطوة بالشكل الصحيح، لافتاً إلى ضرورة تقييم أي تجربة ومن ثم تدارك أخطاء تطبيقها ومعالجة نقاط القصور والخلل.
وأشار الحلاق إلى أنه لا بدّ من أن يكون هناك توسيع بالقاعدة المصرفية في سورية بشكل كبير، بحيث تكون هناك جرأة لدى المصارف من أجل زيادة عدد فروعها وانتشارها في كلّ المناطق، خاصة وأن هناك نقصاً كبيراً بنقاط الدفع اليدوي في المحافظات، ناهيك عن عدم تهيئة المناخ المناسب والثقافة لتقبل هذه التقنية في ظلّ فجوة كبيرة بين دخل المواطن وإنفاقاته بشراء الحاجات الأساسية، وما بين وسائل تطبيق تقنيات الدفع الإلكتروني.
وبيّن الحلاق أن دور الدفع الإلكتروني في الأسواق والمتاجر يتعزز بوجود قدرة تقنية مصرفية لتحريك حساباتها المصرفية إلكترونياً، وليس بشكل يدوي في ظلّ معاناة كبيرة للآخرين في صعوبة تحصيل أموالهم عن طريق البنوك، وهو ما يجعل الدفع الإلكتروني يسير ببطء مفتقداً الآلية الفنية، والسرعة في تحويل الأموال بين النقاط المصرفية.
عدم ثقة!
ويتفق الخبير الاقتصادي شفيق عربش، الأستاذ في كلية الاقتصاد، مع غيره بأن الدفع الإلكتروني شيء أساسي في حياتنا، وهو تراكم كبير لتطور إنتاج التكنولوجيا في أي دولة بالعالم، كون الدفع الإلكتروني قد أصبح سيد كلّ شيء، وذلك بخدمة تكنولوجية متقدمة وهائلة بدون حمل المواطن “الكاش” أو المال. وبالتالي هو ثقافة مصرفية رائدة منذ زمن، لكن المشكلة أنه لم نصل بعد إلى ضرورة توفير هذه الخدمة العملاقة في بيئتنا بالشكل الصحيح، حيث لا زال هناك عدم ثقة من الكثيرين في التعامل معها نتيجة قصورها وأخطائها المتكررة، فضلاً عن عدم تغطيتها جغرافياً، حتى إن التغطية الجغرافية لهذه الخدمة غير مؤمنة بعد، وتحتاج إلى الكثير من الوقت في بنية تحتية تعاني من “سكرات الموت”، مثلاً كأن يكون هناك امتحان بكالوريا، لتتوقف فيه كلّ الشبكات، فأي دفع إلكتروني هذا؟!
وبيّن عربش أن عدم وجود جاهزية لوجستية يوقع الكثير من المؤسّسات ومراكز الأعمال في أخطاء، فليس المهمّ أن ننفذ ونوجد هذه الخدمة بقدر ما يهمّنا توفير الأرضية الفنية المناسبة من تطوير وسائل التكنولوجيا وتوفير مستلزماتها، في وقت ما زالت الصرافات الآلية خارج الخدمة وأجهزة متعطلة ينقصها الأيدي الخبيرة لصيانتها وبرمجتها.
يُذكر أن الحكومة لا تزال إلى الآن تناقش، في العديد من لقاءاتها مع المؤسسات والمصارف، سبل تعزيز بنية الدفع الإلكتروني، والإجراءات والخطوات الواجب اتخاذها لتسهيل وتبسيط إجراءات التسويات المالية والعمليات التجارية، وتعزيز فعالية إدارة السيولة المالية الوطنية، بما يضمن توسيع عمليات الدفع الإلكتروني، بالتوازي مع الاستمرار باستكمال تهيئة البنية التحتية للقطاع المصرفي وإيجاد الحلول اللازمة لذلك.