دراساتصحيفة البعث

الحلفاء يتهربون من مشروع الحرب التكنولوجية الأمريكية

عائدة أسعد

تدرس إدارة جو بايدن اتخاذ إجراءات تقييدية قاسية على شركات طوكيو إلكترون وASML وغيرها من شركات صناعة الرقائق وتصنيع معدات الرقائق التابعة لحلفاء الولايات المتحدة إذا استمرت في التجارة مع الصين. وفي محاولتها إجبارهم على أن يكونوا نقطة ضغط جماعية على الصين، تخلق إدارة جو بايدن معضلة ذاتية للولايات المتحدة.

فمن ناحية، تعارض معظم شركات أشباه الموصلات الأمريكية الحظر الفعلي الذي فرضته إدارة بايدن على أكبر سوق للرقائق لديها، معتقدةً أن هذه السياسة تأتي بنتائج عكسية وتقوض مصالح الشركات الأمريكية. ومن ناحية أخرى، ومع مواجهة بايدن صعوبات هائلة في محاولته إعادة انتخابه رئيساً للولايات المتحدة في تشرين الثاني، يشعر المزيد من حلفاء الولايات المتحدة أنهم ليسوا بحاجة إلى الخدمة في صفوف حرب الرقائق التي تشنها إدارة بايدن ضد الصين بعد الآن.

وحتى لو حاول بايدن اللجوء إلى الضغوط الشديدة لتعزيز خط ماجينو المناهض للصين، والذي كان يفخر به كثيراً، كما قال خلال قمة الناتو في واشنطن الأسبوع الماضي، فإن هذا التحصين أصبح هشاً وسهل الاختراق على نحو متزايد.

لقد شكلت إيرادات مبيعات ASML من الصين حوالي نصف الإجمالي العالمي في النصف الأول من هذا العام، وعلى مدى ثلاثة أرباع متتالية، اعتباراً من الربع الثاني من هذا العام، تم تصدير ما لا يقل عن 50% من معدات تصنيع الرقائق المصنوعة في اليابان إلى الصين.

ويعلم معظم الذين جندتهم إدارة بايدن أن حرب الرقائق التي شنها بايدن ضد الصين، والتي تنتهك قانون السوق ولا تترك أي طرف سالماً، لم تكن سوى مشروع غرور شخصي منذ اليوم الأول.

إن تراجع أسعار أسهم الشركات اليابانية والهولندية ذات الصلة في أعقاب التهديدات الأخيرة لإدارة بايدن – حيث انخفض سعر سهم طوكيو إلكترون بنسبة 8.3 في المائة عند نقطة ما – يعني أنه حتى قبل أن تتحقق الإجراءات التقييدية الأمريكية ضدهم، فقد بدأوا في دفع ثمن تورطهم في الهجوم التكنولوجي الأمريكي ضد الصين.

إن حرب الرقائق التي تشنها إدارة بايدن ليست مستدامة، إنما هي محاولة لكبح المد. وحسب أحدث التوقعات الصادرة عن رابطة صناعة أشباه الموصلات في الولايات المتحدة، فإن المبيعات العالمية لمعدات تصنيع الرقائق تنمو بنسبة 3.4 بالمائة هذا العام لتصل إلى 109 مليارات دولار، ومن المتوقع أن تتجاوز شحنات المعدات إلى سوق البر الرئيسي الصيني 35 مليار دولار، وهو ما يمثل أكثر من 30 في المائة من الإجمالي، مما يجعله أكبر سوق يقود نمو الطلب.

وكما تشير جميع الدلائل إلى أنه مع تلاشي هالة دبلوماسية الولايات المتحدة نتيجة لاستراتيجياتها التجارية ذات القيمة، فإن إدارة بايدن تتعامل بشكل متزايد مع شركات التكنولوجيا الفائقة لحلفاء الولايات المتحدة بنفس الطريقة التي تتعامل بها مع نظيراتها الصينية، وبالتالي فإن جهودها لتوحيد حلفائها لتشكيل جبهة موحدة في حرب الرقائق ضد الصين محكوم عليها بالفشل.

ويقال أن مجموعة من المديرين التنفيذيين الأمريكيين ذوي الوزن الثقيل بقيادة رئيس مجلس الأعمال الأمريكي الصيني كريج ألين والرئيس التنفيذي ورئيس مجلس إدارة شركة FedEx Corporation راج سوبرامانيام سوف يتوجهون إلى بكين قريباً، على أمل الاجتماع مع المسؤولين الصينيين للحصول على رؤى مباشرة بعد اختتام الاجتماع الذي استمر أربعة أيام لكبار صناع القرار في الصين.

تجدر الإشارة إلى أنه مع عدم بقاء أكثر من أربعة أشهر قبل الانتخابات، بدأ رواد الأعمال في الولايات المتحدة وحلفائها بالفعل في التصويت بأقدامهم.