السلام والتنمية بين الصين وآسيان
تقرير- عناية ناصر
انعقد الاجتماع السابع والخمسون لوزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) والاجتماعات ذات الصلة في فيينتيان، عاصمة لاوس، من 21 إلى 27 تموز، وكان الغرض الرئيسي من الاجتماعات هو التحضير للإنجازات السياسية والنتائج المترتبة على اجتماعات القادة بشأن تعاون شرق آسيا في تشرين الأول في وقت لاحق من هذا العام.
حضر هذا الاجتماع بالإضافة إلى الدول الأعضاء العشر في رابطة دول جنوب شرق آسيا، العديد من الدول والمنظمات الإقليمية مثل الصين والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة وروسيا واليابان.
لقد أصبحت آسيان منصة مهمّة للتواصل المباشر بشأن القضايا الدبلوماسية الثنائية والمتعدّدة الأطراف. وقد أكد اجتماع وزراء خارجية آسيان السابع والخمسون، تحت عنوان “تعزيز الاتصال والمرونة”، على تعزيز الاتصال بين البنية الأساسية، وتضييق فجوات التنمية، وتعزيز التكامل الاقتصادي والتبادل الثقافي، وشدّد على حلّ النزاعات الإقليمية على أساس القوانين الدولية مثل اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار.
وتشير كلّ هذه العلامات إلى أن السلام والتنمية أصبحا اختياراً ثابتاً لدول آسيان، وتعتبر الصين رفيقة في هذه الرؤية. وهذا لا يتجذّر فقط في الجينات التاريخية للاعتراف المتبادل والسعي إلى الاستقلال والاحترام المتبادل بين الصين ودول آسيان كدول نامية، بل وأيضاً في الحاجة العملية إلى تعزيز العلاقات بشكل أكبر استجابة للاضطرابات والتحديات.
في السنوات الأخيرة، كلما عقدت اجتماعات آسيان، توقعت بعض وسائل الإعلام أن يصبح بحر الصين الجنوبي موضوعاً رئيسياً. لكن ذلك لم يكن هو الحال، حيث لم يحظَ سلوك القوى الخارجية التي تثير المشكلات في المنطقة بموافقة جماعية من آسيان. وفيما يتعلق بالنزاع في بحر الصين الجنوبي، فإن البيان المشترك لاجتماع وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا أقرب إلى موقف الصين، سواء من حيث الدعوة إلى حلّ النزاعات سلمياً أو حلّ النزاعات بالوسائل السياسية بدلاً من اللجوء إلى القوة.
وعلى الرغم من مواجهة الاضطرابات والتحديات المختلفة، فإن أجواء “التعاون أولاً، أولوية التنمية” التي طرحت في اجتماعات رابطة دول جنوب شرق آسيا تثبت مرة أخرى أن دول رابطة دول جنوب شرق آسيا عازمة على التمسّك بمسارها الخاص بدلاً من قبول أجندة يفرضها الآخرون. ويؤكد البيان المشترك لاجتماع وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا بوضوح التزامهم بدعم الإقليمية والتعدّدية، مع التأكيد على الحفاظ على الآليات القائمة بقيادة رابطة دول جنوب شرق آسيا، في تعزيز السلام والاستقرار والأمن والتنمية والنمو لتعزيز المرونة الإقليمية للاستجابة للتحديات المشتركة والناشئة.
إن معظم دول شرق آسيا، بما في ذلك رابطة دول جنوب شرق آسيا، تقف من أجل السلام والتنمية الإقليميين، ولا تريد الانحياز إلى أي طرف. كما أصبحت العلاقة بين الصين وآسيان النموذج الأكثر نجاحاً وديناميكية للتعاون في منطقة آسيا والمحيط الهادئ.
إن الصين وآسيان جارتان تساعدان بعضهما البعض، وشريكتان حميمتان، كما أن تسريع المفاوضات بشأن منطقة التجارة الحرة بين رابطة دول جنوب شرق آسيا والصين، والاستفادة من إمكانات الصناعات الناشئة مثل الذكاء الاصطناعي والتعاون المالي، واستضافة عام التبادلات الشعبية بين الصين وآسيان، كلها أمور مدرجة على قائمة الرغبات المشتركة لكلا الجانبين. وبعد 33 عاماً، دخل الحوار والتعاون بين الصين وآسيان فترة ناضجة ومستقرة، ولاقى السلام والتنمية إجماعاً أقوى بين الجانبين.