صحيفة البعثمحليات

التنمية الريفية.. غياب للبعد التنموي الاستراتيجي وتجاهل مدان لموارد السياحة الريفية

دمشق – البعث

سنوات طويلة ونحن نسمع عن خطط ومشاريع للتنمية الريفية دون أن يكون لتلك السنوات والمشاريع حضور فاعل على أرض الواقع، حيث أكد العديد من الخبراء الاقتصاديين، الذين تواصلنا معهم ولخّصوا واقع حال الريف في مختلف المناطق، أن الواقع يشير إلى تواضع مشروعات التنمية الحقيقية في المناطق الريفية، لأن البعد التنموي ظلّ فيما مضى شعاراً وإطاراً في خطط “مستقبلية” لأكثر من وزارة وضعته على رأس الأولويات في حدود لم تتجاوز الدراسات، ودليل ذلك عدم وجود برنامج تنموي شامل ومتكامل زمنياً ومكانياً وتشغيلياً طيلة السنوات الماضية، وربما كشفت الظروف الراهنة حجم التقصير الحاصل والواضح في وضع خطة حقيقية للتنمية الريفية التي عادت إلى الواجهة مجدداً بزخم متجدّد من الدعم لاستدراك التقصير وإطلاق العنان لمشروعات تنموية صغيرة ومتناهية الصغر، مع تأمين التمويل اللازم لها وتعزيز النهج التشاركي في خطط التنمية، ولن نبالغ حين نؤكد أن التنمية الريفية افتقرت للتخطيط التشاركي، فجاءت البرامج قاصرة وشكلية وغير مؤثرة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية للمناطق الريفية التي دخلت إليها هذه المشروعات غير المؤسّسة على قاعدة بيانية تمويلاً وتخطيطاً وتنفيذاً، وبالتالي لم تشكّل قاعدة إنتاجية ثابتة، ولذلك جاءت بمجملها على شكل مبادرات مجتمعية وأهلية اتكأت على مشروعات وبرامج تنموية غير مستدامة.

وأشاروا إلى أن من بين المآخذ التي سُجّلت على برامج التنمية الريفية خلال الفترة الماضية استعجالها تأمين مصادر عمل وتشغيل، مقتصرة على فتح دورات تدريب وتأهيل مهنية وحرفية، ومنح قروض صغيرة لتمكين المقترضين من الإقلاع بمشروعات متناهية الصغر تكون موارد عيش ورزق للأسر الريفية ولم يتمّ الالتفات إلى قضايا أساسية تتصل بديمومة وتطوير الأفكار وإدارة واستثمار المشروعات واعتماد الخطوات التنموية ودراسة الصعوبات المحتملة، وأهمها الصعوبة التسويقية وتعذّر تصريف الإنتاج، وعدم احتساب فروقات الأسعار الناتجة عن الزيادة المستمرة في أسعار المواد الأولية وتكاليف الإنتاج، والتركيز على التوسّع الأفقي دون النوعي، لأن المنافسة عامل مهمّ في العملية الإنتاجية والتسويقية، وعدم وجود سوق للمهن اليدوية، والحرفية، والتراثية، والمنتجات البيئية، حيث يتساوى المنتج اليدوي النوعي مع منتجات السوق السوداء، ما أدّى إلى حصول خلط أوراق في مدخلات ومخرجات التنمية الريفية على حساب الموارد البشرية.

وأكدوا أن الأضرار البيئية والزراعية والحراجية يفترض أن تكون لها الأولوية في البرنامج التنموي، وضرورة تحمّل كافة المؤسسات والجمعيات المعنية بالجانب البيئي مسؤولياتها في الترميم البيئي وتقييمها على هذا الأساس من خلال إسهامها في العمل التشاركي والقيام بمبادرات نوعية ملموسة في التنمية البيئية كونها الأرضية للمشروعات الإنتاجية، كما يمكن أن تشكّل السياحة الريفية بمشروعاتها الصغيرة التي يجري الحديث عن التوسّع فيها والتخطيط لها العامل الأساسي الداعم للتنمية الريفية من خلال إنشاء مراكز تسويقية للمنتجات الريفية والصناعات اليدوية المحلية والصناعات البيئية النظيفة كالنباتات الطبية والزيوت العطرية، والإسراع في التوسّع بهذه المراكز والمشروعات كونها تكفل تصنيع المنتجات الريفية، ما يزيد من مردودها، ومن شأن هذه المنشآت ومثيلاتها دفع عجلة التنمية الريفية والسياحية بآن معاً، وتكمن هنا القيمة المضافة في استثمار المقومات الطبيعية في المناطق الريفية سياحياً، ما من شأنه أن يحقّق القيمة المضافة النوعية للحركة السياحية الواعدة التي تبحث عن المسار الأقصر والأسرع لتعافيها المبكر، ولتعود السياحة قاطرة حقيقية للتنمية انطلاقاً من أهمية وحيوية وأولوية برامج ومشروعات التنمية.