دراساتصحيفة البعث

كاميلا هاريس.. خبرة متواضعة في السياسة الخارجية

هيفاء علي 

غابت كاميلا هاريس عن خطاب نتنياهو أمام الكونغرس، على الرغم من أن رئاسة الجلسة تعود لها وفق البروتوكول، لـ”ضيق الوقت” حسب قولها، حيث كانت تقوم بزيارة مدينة إنديانابوليس لإلقاء كلمة أمام المؤتمر الوطني لنادي زيتا فاي بيتا النسائي، أحد أقدم المنظمات الجامعية في البلاد للطالبات الأمريكيات ذوات الأصول الأفريقية.

لكن، وهي تستعدّ للفوز بترشيح الحزب الديمقراطي لانتخابات الرئاسة، لفت غيابها عن الكونغرس الأنظار وأصبح يخضع لتدقيق أكبر، كما سلّط الضوء أيضاً على الانقسامات الموجودة بين الناخبين الأمريكيين بشأن العدوان الإسرائيلي المتواصل على غزة.

وبحسب المراقبين، لا تُعدّ السياسة الخارجية من نقاط القوة بالنسبة لهاريس، الأمر الذي قد يثير مخاوف حلفاء واشنطن، الذين ينظرون بحذر إلى الالتزامات الأمنية التي اتخذتها الولايات المتحدة، وخاصة بعدما اختار دونالد ترامب السيناتور جيه دي فانس نائباً له، وهو الذي روّج علناً لسياسة أمريكية “انعزالية” تقوم على عدم التدخل في الصراعات الأوروبية والآسيوية ولا في السياسة الدولية.

وقد أمضت هاريس، المتخرّجة من كلية الحقوق والمدعية العامة السابقة لولاية كاليفورنيا، معظم مشوارها السياسي في التركيز على القضايا المحلية. وخالف تعيينها نائبة للرئيس في 2021 الاتجاه السائد منذ فترة طويلة في السياسة الأمريكية، حيث يكون الرجل أو المرأة التي تتولّى المنصب أدرى في مجال الشؤون الخارجية من الرئيس المنتخب.

وليس لـ كاميلا هاريس سوى خبرة متواضعة في مجال السياسة الخارجية، وبالتالي لم تكن لتنوب عن بايدن، الذي أمضى 36 عاماً في مجلس الشيوخ الأمريكي وثمانية أعوام في البيت الأبيض.

في السياق يوضح ستيفن إيكوفيتش، الخبير في السياسة الأمريكية وأستاذ فخري بالجامعة الأمريكية في باريس، أن البلاد تقف على أرض مجهولة، لأن الأمريكيين لا يعرفون الكثير عن توجهات سياستها الخارجية. ولفت إلى أنه بعد قضائها حوالي أربع سنوات في البيت الأبيض، يجب أن تكون هاريس “على اطلاع” بقضايا السياسة الخارجية، بما أن نائب الرئيس يحضر اجتماعات مجلس الأمن القومي الأمريكي وأدرى بمختلف التعليمات التي تصله، مضيفاً أنها ستحتفظ، على الأقل في المستقبل القريب، بالتوجّه نفسه والفريق نفسه، وعلى الأرجح ستواصل الحملة على المنوال نفسه.

وفيما يخصّ الشرق الأوسط، يبقى دعم حلّ الدولتين و”حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها” مبدأين ثابتين لدى هاريس منذ انتخابها لعضوية مجلس الشيوخ الأمريكي عن ولاية كاليفورنيا في عام 2017.

وقد حرصت بصفتها نائبة للرئيس على عدم معارضة مواقف بايدن بشأن العدوان الإسرائيلي على غزة، لكنها لم تتردّد في التنديد بمعاناة المدنيين الفلسطينيين، بالقول إن “إسرائيل” لا تفعل ما يكفي لتخفيف “كارثة إنسانية” في غزة، كما أنها أول مسؤولة أمريكية رفيعة تدعو علناً إلى وقف إطلاق النار في غزة.

وكانت هاريس قد انتقدت الظروف اللا إنسانية في غزة جراء العدوان، ووجّهت الجزء الأكبر من خطابها إلى حكومة الكيان الإسرائيلي قائلةً: “إن الناس يتضورون جوعاً في غزة في ظروف غير إنسانية، وإنسانيتنا المشتركة تجبرنا على التحرك، داعيةً سلطات الاحتلال إلى فعل المزيد لزيادة تدفق المساعدات بشكل أكبر، ولا عذر لذلك”.

وقد أظهرت استطلاعات الرأي شرخاً كبيراً جداً في صفوف الديمقراطيين جراء الحرب في غزة، وخاصة بعد مقاطعة عشرات المشرّعين المنتمين للحزب خلال خطاب نتانياهو، كما أظهرت باستمرار خلال الأشهر القليلة أن الأمريكيين الأصغر سناً أكثر تأييداً لفلسطين.

وبحسب إيكوفيتش فإن غياب هاريس عن خطاب نتانياهو لـ”دواع انتخابية”، مؤكداً أن هذا ينطبق بشكل خاص على بعض الولايات المتأرجحة مثل ميشيغان، حيث توجد ديترويت، في إشارة إلى المجتمعات العربية والأمريكية- الأفريقية الموجودة بكثافة في المدينة، موضحاً أنه في ولاية بنسلفانيا، هناك فيلادلفيا، التي تضمّ عدداً كبيراً من السكان السود، وهناك نوع من الحساسية تجاه موقف بايدن المؤيد بشدة “لإسرائيل” في هذه الأماكن، ولكن يرجح ألا تغيّر هاريس السياسة الأمريكية بشأن الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي بشكل جذريّ.

وفيما يخصّ أمريكا اللاتينية، يبقى سجل كاميلا هاريس متبايناً، ففي بداية عهدته، طلب بايدن من نائبته محاولة معالجة مشكلات الهجرة على الحدود الجنوبية المتجذّرة منذ سنوات، وذلك من خلال التركيز على دول أمريكا الوسطى والجنوبية.

والتزاماً بتعليمات البيت الأبيض، كرّرت هاريس رسالة “لا تأتوا” للمهاجرين الذين يحاولون عبور الحدود الجنوبية مع المكسيك بشكل غير قانوني، لكن أثار ذلك استياء الديمقراطيين ذوي الميول اليسارية.