فنزويلا.. سيناريو أمريكي مكرر
تقرير- سنان حسن
يبدو أن سيناريو الانتخابات الرئاسية في فنزويلا عام 2018 يعاد تكراره بنفس المشاهد والأدوار، فبعد إعلان المحكمة العليا فوز الرئيس نيكولاس مادورو بولاية رئاسية ثالثة، سارعت المعارضة إلى عدم الاعتراف بالنتيجة النهائية للانتخابات، فيما قررت على الفور الولايات المتحدة الأمريكية الاعتراف بمرشح المعارضة إدموندو غونزاليس ومحاولة تسويقه لدى الأنظمة التي تسير في فلكها، ما يؤكد من جديد سعي واشنطن وعملائها في الداخل الفنزويلي إلى إشاعة الفوضى وعدم احترام القانون، ومخرجات العملية الانتخابية التي كانت وفق مراقبين شفافة وبعيدة عن التزوير.
تاريخياً، ترى واشنطن في دول أمريكا اللاتينية حديقة خلفية لبيتها الأبيض، تحكم وتعين من تريد في هذه الدول، وتسقط من يخالف تعليماتها، وفنزويلا كانت إحدى هذه الدول، ومع تمكن المد اليساري الاشتراكي من الوصول إلى الحكم سارعت واشنطن بكل قوتها لإعادة فرض مؤيديها تارة من بوابة الحصار والتجويع ، وتارة أخرى من بوابة الانقلابات، فكانت السيطرة على الحكم في البرازيل من خلال اختلاق أكاذيب، وتزوير وثائق لإقصاء الرئيسة حينها ديلما روسيف وإحلال مؤيدين لها، والأمر ذاته تكرر في البيرو وبوليفيا اللاتي شهدتا أكثر من محاولة انقلاب بدعم مباشر من واشنطن، لإسقاط الأنظمة الاشتراكية فيها، وتسليم مقاليد الحكم لمؤيديها للاستمرار في نهب مقدارت تلك البلدان.
في فنزويلا مثل وصول الرئيس الراحل هوغو تشافيز إلى سدة الحكم في فنزويلا صفعة كبيرة لواشنطن وعملائها، حيث استطاع الرئيس تشافيز من تحرير البلاد من الهيمنة الأمريكية، وشق مسار تحريري في كامل القارة، تمكن فيه مع القوى الثائرة على الإمبريالية الأمريكية، من رفع الصوت عالياً، ورفض الإملاءات القادمة من واشنطن، وتأسيس المنظمات والهيئات التي تدعم هذه الدول، وتعيد لها مكانتها السياسية والاقتصادية في الإقليم والعالم، ولكن حكام البيت الأبيض لم يرق لهم هذا الأمر، حيث عملوا على إسقاط تشافيز وحكمه بكل الوسائل من الانقلاب إلى الحصار ودعم المعارضين له، ولكنهم فشلوا.
ومع وصول الرئيس الحالي مادورو إلى الحكم، لم تتوقف الإدارة الأمريكية على محاصرة كاركاس، وافتعال المشاكل لإسقاط الحكم البوليفاري، فكانت محاولة اغتيال مادورو مثال فاضح على التورط الأمريكي المباشر في الأزمة الفنزويلية، ثم سيناريو انتخابات عام 2018 ودعم الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب مرشح المعارضة حينها رئيس المجلس التشريعي خوان غوايدو، وما رافقها من أحداث شغب وتأجيج للولايات الفنزويلية، ولكن في النهاية فشلت، واليوم يتكرر نفس المشهد والأدوات والأدوار والداعمين.
ما تشهده فنزويلا اليوم، مشابه لكل ما تقوم به واشنطن في الكثير من دول العالم، من افتعال مشاكل وتدخل سافر في شؤونها الداخلية، ومحاولة فرض أجنداتها التي تضمن لها الاستمرار في السيطرة والهيمنة على العالم، ولكن في كل مرة تكون القوى الحية والوطنية جاهزة للتصدي لهذه المشاريع وإسقاطها، وكما استطاعت هذه القوى في 2018 من إفشال مخطط ترامب وغويدو، فإنها اليوم قادرة على إسقاط مشروع بلينكن و غونزاليس.