مبرمج سياحي!!
بشير فرزان
تكشفُ الحسابات البسيطة لتكاليف ساعات معدودة من رحلة إلى البحر، مقارنة بالدخل الشهري لشريحة الدخل المحدود، وهم الغالبية الكبرى، عن أوهام كبيرة تحت عناوين السياحة الداخلية أو السياحة الشعبية وغيرها من العروض التي أطلقتها وزارة السياحة لمداعبة أحلام ذوي الدخل المحدود رغم بساطتها، فقد استبشر هؤلاء خيراً بوعود وزارة السياحة وتنفّسوا من خلالها هواء البحر ولملموا بقايا آمالهم برحلة بحرية أو حتى نزهة ترفيهية إلى بعض المناطق السياحية الداخلية، واستودعوها في ذمة الجهود الساعية لتنشيط السياحة الشعبية، وحديث عمره سنوات عن وضع خطط ومواقع للاستثمار السياحي كشواطئ مفتوحة ومخيمات شاطئية، بهدف تأمين مواقع للسياحة الشعبية منخفضة التكاليف، ولكن كالعادة مُنيت أحلام الناس بانتكاسة وصدمة قاسية، فما يُقال شيء وما هو موجود على أرض الواقع شيء آخر، كحال الكثير من الأفكار التي تدور فقط في عقل ذلك المبرمج السياحي الذي وعد أكثر من مرة بوضع المنتج السياحي بكلّ أشكاله بمتناول جميع المواطنين على اختلاف سوية دخلهم دون أن يستطيع ربط القول بالفعل!
والغريبُ أن هذا المبرمج يحتفل بين الفينة والأخرى بافتتاح منشأة سياحية ويحاول إقناع الناس بأن الوزارة تدرس أسعار المنتجات السياحية قبل طرحها للمستهلك لتتلاءم مع مختلف الشرائح، وقد يتمادى في مداعبة الأماني بزرع الأمل بالحصول على شاليهات في مصايف متنوعة بأسعار تتناسب مع فكرة السياحة الشعبية، وهنا نسأل: أين هذه الشاليهات؟ أم إن الحديث يخصّ تلك الخيم المتناثرة على أطراف الشاليهات، وسؤالنا ليس بقصد النفي المطلق، بل من أجل الحقيقة والمصداقية السياحية التي قد يغرّر بها بعض الموظفين.
وإذا كان البحث عن السوق الجديدة للسياحة الشعبية التي كشفت عنها وزارة السياحة ضمن منظومة السياحة الداخلية ما زال جارياً، سواء على طول الساحل أو في المناطق الداخلية بمختلف مواقعها ومنشآتها، بدءاً من المطاعم وصولاً إلى المنتجعات والفنادق بمختلف تصنيفاتها، فهذا يعني أن الجهات السياحية تغرّد خارج السرب الشعبي، وهو الغالبية العظمى في المجتمع، وخاصة في هذه الظروف التي حالت دون وصول أفواج خارجية من السياح، وهنا نتوقف عند ضرورة رفع مستوى دخل المواطن ليواكب متطلباته الحياتية من جهة والترفيهية من جهة أخرى، ليواكب المسيرة السياحية بشعاراتها وعراضاتها الشعبية من فئة الخمس نجوم وأكثر.
خلاصة القول إن المواطن لا يستطيع أن يعوّل كثيراً على الوعود، بل يريد أن يستمتع برحلة سياحية، وأن يرى البحر مرة واحدة كلّ عامين، ومن باب العلم فإن تكلفة أي رحلة بحرية تعادل خمسة أضعاف دخل الموظف ولمدة قصيرة.. فهل تراجع الوزارة حساباتها وتحاسب من إخفق وتلاعب بأحلام الفقراء؟!