صحيفة البعثمحليات

رغم صلاحيتها.. 500 ألف هكتار خارج حلقة الاستثمار الزراعي وفق تقارير زراعية

دمشق- البعث

بيّن مدير المركز الوطني للسياسات الزراعية المهندس رائد حمزة في تصريح صحفي أنه للنجاح بالزراعة واستثمار المساحات القابلة للزراعة، ومنها أراضي الشيوع، لابدّ من انطلاقة جديدة مدعومة بقرارات وتوجهات صارمة تزيل كلّ إشغالات وضع اليد على أراضي الشيوع وفق مؤطرات عامة، فالذي يريد أن يستثمر ويزرع يُعطى جزءاً، ومن ثم تحدّد وتحرر الأرض، ولا تنقل كملكية، فقط يحقّ له الانتفاع مع المواظبة على الزراعة بشكل دائم، أو أن تعاد ملكية كلّ الأراضي لملكية الدولة وتضع لها مرتكزات للاستثمار تهيئ للقيام بدورات زراعية بمحاصيل مختلفة.

ولفت حمزة إلى أن الأصل في الملكية «حول أراضي الشيوع» أنها تثبت للشخص الواحد على شيء، فيقال لها ملكية مفرزة، ولكن الملكية قد تثبت لأكثر من شخص على الشيء نفسه، فيقال لها ملكية شائعة، والملكية الشائعة هي التي تكون لأكثر من شخص في هذا الشيء، حيث يكون لكلّ منهم الحق في حصة تنسب إلى هذا الشيء في مجموعة، كالنصف أو الربع أو أقل من الربع.

وأوضح حمزة جملة مسائل حول أراضي الشيوع والمساحات غير المستثمرة، حيث بيّن أن هناك أراضٍ لم تحدّد ولا تحرّر وبقيت بلا استثمار وبلا أي فائدة تُذكر، وبلا زراعة، بمعنى ليست ذات مردود اقتصادي، تنشأ في معظم الأحيان نزاعات حولها، فمثلاً يكون شخص قد وضع يده على قسم من قطعة أرض استخدم جزءاً منها، يأتي شخص آخر يريد أن يزرع جزءاً جديداً أو الجزء نفسه الذي زرعه الشخص الأول، فيحصل النزاع، ومن ثم تدخل المنازعات والشكاوى، وتترك الأرض بلا زراعة، وهناك مثلاً أيضاً قطعة أرض في إحدى المحافظات تتربع على مساحة كبيرة، أكثر من 80 شخصاً يدّعون أنهم وضعوا أيديهم عليها، وتالياً هي لم تحدّد ولا تحرر، ولم تضبط بعد إمكانية تحديد ملكيتها، وبقيت من دون زراعة بالمطلق!.
إن مساحة أراضي الشيوع في سورية كبيرة ويأتي من ضمنها: أراضي البادية والبحيرات والمحاذية للسدود، وبعض الأراضي الأميرية وهي بمساحات واسعة لم تحدّد أو تحرر، وقدّرت الدراسات التي قامت بها بعض الجهات من خلال اللجان المختصة مساحة أراضي الشيوع في سورية بأكثر من 8 ملايين هكتار تحت هذا البند، أغلبها غير مستثمرة لوجود المعوقات، وتمّ تركها بلا فلاحة، الأمر الذي يجب اتخاذ قرارات من أعلى السلطات المعنية لتسوية ملكيتها أو نقلها كأملاك عامة للدولة بهدف استثمارها وتأجيرها.
وأمام الإشكالات الحاصلة يجب أن يتمّ وضع أسس لتشخيص الواقع وتحديد الأطر، ووجوب التوريث للبعض بحق الانتفاع وليس بالملكية كما يدّعي البعض بعد أن وضع يده على أجزاء أو جزء من الأرض. بذلك وبعد تحديد أجزاء من تلك الأراضي يكون الاتجاه نحو التأجير أو الإرغام على زراعتها، وبذلك نضمن حجم حيازات كبيرة وذات جدوى اقتصادية.
اليوم ولإنهاء مشكلة أراضي الشيوع، ومن أجل زراعتها، يجب وضع الحلول السريعة تجاهها، وذلك يتمّ عبر إما بيعها لشخص مع شرط استثمارها أو تأجيرها وفق اشتراطات، مع تحريرها وتحديدها، أو نقل ملكيتها للدولة في حال لم يتمّ استثمارها، وتأطير كلّ المساحات، حيث يتمّ عدم السماح بملكية أكثر من 300 دونم، في حال كان مستثمراً للأرض، وقد يتمّ استثمارها كتعاونيات ذات صفة اعتبارية تعاونية، وفي حال لم يقم أحد بأخذ أي منحى يجب أن تصدر القرارات بضرورة إخضاع تلك المساحات لملكية الدولة.
وبقاء حالة أراضي الشيوع على وضعها الحالي أمر غير مقبول، فلا محدّدة العائدية، ولا مستثمرة، وهذا أمر اجتماعي مهمّ، نظراً لما يتركه من أثر سلبي على المجتمع الريفي السوري، لطالما تتعلق هذه الحالة بأراضي الإصلاح الزراعي أحياناً، وحالة بقاء وجودها على الشيوع بالحالة ذاتها التي تمّ توزيعها على المنتفعين آنذاك، فهذا الأمر لم يعد مقبولاً، وقد بات يتطلّب تدخل الدولة لإزالة شيوع تلك الأراضي التي قد تبلغ مساحة العقار الواحد آلاف الدونمات، وفيه مئات المالكين من منتفعين وورثة – أحياء وأموات، وقد شكّل هذا الأمر عبئاً على الأسر المنتفعة، وهذا العبء الذي تشكّل عليهم لا يمكن حلّه عن طريق اللجوء الإفرادي بإقامة دعوى إزالة الشيوع بالمحكمة، وهذا الأمر لا يحلّ إلا عن طريق الدولة، والمقترح لذلك: أن تشكل لجنة مؤلفة من مندوب من بعض الوزارات كالزراعة والإدارة المحلية والمصالح العقارية ودائرة المساحة فيها وبرئاسة قاضٍ من وزارة العدل، وتقوم هذه اللجنة بجدولة للقرى التي فيها هذه المشكلة، سواء من الأراضي الزراعية المستثمرة أو غير المستثمرة، وذات ملكية لم تحدّد بعد وضمن مدد زمنية ولو امتدت لأعوام، حيث تتمّ إزالة شيوعها ويصبح كلّ منتفع ومن معه من مبحوثين وورثة في عقار مستقل، ولا بأس أن تفرض أجور مدروسة بدقة على كل منتفع ومبحوث معه لقاء ذلك، فهو عندما يأخذ حصته لنفسه تهون عليه إزالة الشيوع لتلك الحصة وبشكل أفضل، وأن هذا الواقع في حال بقي كما هو يشكل خطراً وخللاً وحالة من التفتت الاجتماعي وعدم استثمار للأراضي، وخسائر على صعيد القلة الإنتاجية.
وعلى غرار ذلك أيضاً، هناك مساحات محدّدة ومحررة وذات ملكية خاصة، ولكن لا يقدم أحد على زراعتها أو فلاحتها، أي هي خارج منظومة الإنتاج، وبالتالي تشكل نسبة جيدة من فوات المنفعة، وهنا يجب تفعيل لجان العمل والمراقبة في المحافظة من أجل مراقبة ورصد كلّ الأراضي الخاصة غير المستثمرة زراعياً، ووضع أسس واشتراطات ترغم مالكها أو مستثمرها على الزراعة وبشكل دوري، أو إمكانية فرض وسنّ إجراءات جديدة تدعم طرق زراعة كلّ شبر من الأراضي، وتقدّر التقارير الزراعية قرابة «500» ألف هكتار خارج حلقة الاستثمار وهي قابلة للزراعة.