فرضيات السلطة التنفيذية…؟!
بشير فرزان
ينشغلُ الشارع السوري بالكثير من التوقعات حول التغيّرات المقبلة، والتي كثُر تداولها بشكل خاطئ وغير صحيح عبر وسائل التواصل الاجتماعي “الفيسبوك”، التي باتت بوابة لرسم معالم افتراضية لحكومات واستراتيجيات قادمة، بهدف تضليل الرأي العام عبر اختلاق الأكاذيب وتمرير المعلومات من خلال قنوات غير مسؤولة.
وطبعاً هذا الواقع لا يلغي حقيقة الحراك التنافسي الدائر على أرض الواقع، والذي تزيد من سخونته حالة الترقب والانتظار للسلطة التنفيذية الجديدة والمناصب الشاغرة، حيث بدأت فرضيات إدخال العديد من الأسماء في دائرة الاحتمالات المانحة لتأشيرات الجلوس على الكراسي استناداً لمعطيات مختلفة، منها ما هو في خانة الترويج الشخصي المأجور أو اعتماداً على ورقة التزكية التي قد تكثر البصمات عليها.
وفي المقابل، ترتفع درجة الترقب والتأهب عند الكوادر الوظيفية، وخاصة الأكاديمية التي ترى في نفسها الكفاءة لملء الشواغر والقدرة على تنفيذ المهام الموكلة إليها بدقة وإتقان، بغضّ النظر عن إمكانياتها وخبراتها أو تجاربها السابقة في ميادين العمل المؤسساتي ودوائر صنع القرار.
وضمن هذه الأجواء المشحونة بالترقب والانتظار تتأرجح أفكار الشارع وتطلعاته الباحثة عن معادلة “الشخص المناسب في المكان المناسب” التي تثبت الكثير من التجارب فشلها في امتحان العمل والتنفيذ، والدليل الكثير من المسؤولين على اختلاف مسؤولياتهم الذين تصرفوا وعملوا لأشهر طويلة وهم تحت تأثير “صدمة المنصب”، حيث تمّ التعامل مع الكرسي بعقلية الفرصة وليس بنهج الموقع المسؤول!
ولا شكّ أن الاستعانة بالواقع واستذكار الكثير من آليات العمل خلال الفترة الماضية، وجرد نتائج السياسات والقرارات التي طبّقت ليس على المستوى الوزاري فقط بل في مختلف المواقع، بدءاً من رئيس دائرة أو قسم في أي مؤسسة عامة خدمية كانت أم إنتاجية وصولاً إلى صانع القرار الوزاري، يمنح فرصة الكشف المبكر عن طبيعة العلّة وأسبابها، فالعديد من الانتكاسات والمشكلات التي حدثت كان سببها سوء إدارة العمل وضعف القرار المتخذ وعدم الخبرة في التعامل مع المستجدات، وهذا الأمر لا يعود إلى خصوصية المرحلة فقط كما كان يروّج له، بل إلى عدم توافر الإمكانيات والمواصفات المطلوبة لدى الكثير من الأشخاص في مواقع المسؤولية.. وما أكثرهم!
وما يجب الاتفاق عليه وتطبيقه دون أي تأخير، أن يعتمد تنظيم هيكل الوظائف أو المناصب بالدرجة الأولى على الالتزام بوجود مواصفات فنية ومهارية وعلمية عند المرشح لشغل الموقع، والتخلي عن حالة المحاباة والعلاقات الشخصية التي تتسبّب في اختيار بعض الأشخاص ليشغلوا مسؤوليات ليست بحجم قدراتهم البسيطة وإمكانياتهم المتواضعة، وهذه الحالة ندرك تماماً مخاطرها وتداعياتها الكارثية، خاصة وأنها سادت الكثير من مواقع العمل، وهي حالة تؤدي إلى تخريب بطيء للعمل المؤسساتي، وتبديد ممنهج لامتيازات العمل الحكومي وحجب لكفاءات كثيرة كان يمكن أن تؤدّي المهمّة بفاعلية أكبر وبمدة أقصر، فهل يُستفاد من الدروس والتجارب السابقة في كلّ المواقع الشاغرة على اختلافها، أم تُحسم المنافسة لصالح انتقائية التدخلات غير الموضوعية وخياراتها…؟!.