لا مجاملة على أمن المنطقة
بشار محي الدين المحمد
ما الذي دفع مجرمي الكيان الصهيوني، وفي هذا التوقيت تحديداً، إلى افتعال أزمة مع إيران؟ الجواب قد لا يكون على قدر ما يدور في عقلية نتنياهو بهذه الهستيريا، لكن كل الوقائع تشير إلى أن كل القضية متعلقة بـ “الداخل” الإسرائيلي، والذي زادت شرارات الحرب الأهلية فيه، وبسيناريو عكسي لما خطط له نتنياهو.
منذ طوفان الأقصى الذي كشف هشاشة الكيان الصهيوني وكذبة “الجيش الذي لا تقهر”، شهد الشارع الإسرائيلي تزايداً في حالة الانقسام والاستقطاب وضعت مستقبل الكيان أكثر فأكثر على حافة الزوال، ما اضطر نتنياهو كعادته إلى لفت الأنظار في الداخل إلى أخطار كبرى تتهدّد كيانه الهشّ عبر سيناريو قذر على شاكلة العدوان المتواصل على غزة. وبالتأكيد أقدم على الاغتيالات بتنسيق ودعم من الحزب الديمقراطي الذي ينازع للبقاء في السلطة بعد انسحاب بايدن أمام ترامب، حتى ولو اضطر إلى افتعال حرب كبرى لربما تشعر مريديه بـ”نشوة النصر” وتدفعهم نحو صناديق الاقتراع الملطخة بالدماء، واختيار نسخة بايدن “هاريس”.
قد يحقق نتنياهو جزءاً من غاياته الدنيئة، وهو يحاول مع صحافته رسم شكل ردّ المقاومين، واعترافه صراحةً بأنه سيكون كبيراً ومباغتاً، بل التهويل لجمهوره الإسرائيلي بتحركات القطع البحرية والعسكرية الأمريكية في المتوسط وقواعدها غير الشرعية في المنطقة، بالتوازي مع ظنّ تلك حكومة التطرف الصهيونية أنها قد “تردع” محور المقاومة عن ردّه عبر تلك الأضاليل.
هذا السيناريو ليس إلا وهماً، إذ يحاول نتنياهو إقناع نفسه أنه قادر على خلط أوراق المنطقة عبر إشراك دول أخرى في أزمته، ولكن الكيان ومن يحاول أن يورطهم معه لا يدركون حقيقة مهمة، وهي أنهم لا يعلمون ما في جعبة المقاومة من سيناريوهات أو أسلحة متطورة، كما حدث في تموز الـ 2006 عندما ظهر فجأة لدى المقاومة الوطنية اللبنانية صاروخ أرض بحر استهدف البارجة “ساعر”، وهذا نسوقه هنا على سبيل التذكير والمثال لا الحصر، ما دام هذا الكيان أفرغ عمّا في جعبته.
بكل الأحوال، الكل يحبس الأنفاس لما سيحصل في الأيام القادمة من مفاجآت، ولا سيما مع تجديد تأكيد محور المقاومة على الاحتفاظ بحق الردّ المناسب، بل من المؤكد أن النتائج لن يكون أقلها هبوط مدوٍ جديد وكبير لنتنياهو ومريديه وداعمية الذين ذهبوا في سيناريوهات التصعيد والاستفزازات إلى حدّها الأقصى.