“الملك فانوس والقط بسبوس” على خشبة مسرح القباني
أمينة عباس
يتابع الأطفال من خلال مسرحية “الملك فانوس والقط بسبوس”، التي تُقدَّم يومياً على خشبة مسرح القباني بدمشق، قصة “فانوس” وهو ملك متواضع وبسيط ويملك روح طفل، فنجده يحاول المستحيل ليجد قطه الضائع “بسبوس”، ونرى كيف تحاول حاشيته استغلال هذه الطيبة وكسب رضاه من خلال نفاقهم الدائم له، فيظهرون له محبتهم، في الوقت الذي يحيكون له المؤامرات ويكذبون عليه إلى درجة أنهم يوهمونه أنه يرتدي أجمل الملابس، لكنه في حقيقة الأمر كان عارياً وكاد أن يذهب إلى حفلة الأميرة “رمانة” لولا ولدَي الحكيم الصادقين اللذين أخبراه أن الثوب الذي يرتديه هو من وحي خيال صانعيه، لكن لم يجرؤ أحد على إخباره بالحقيقة، يقول مخرج المسرحية عبد السلام بدوي: “يكشف الملك الحقيقة من خلال طفلين هما ولدا الحكيم الذي وضِعَ في السجن لمجرد أنه كان صادقاً ولا يحب النفاق، وجاءت الحقيقة على لسان الأطفال لأنهم بريئون وشفافون وصادقون ولا يعنيهم مقام الشخص، ومن خلالهم نستطيع الوصول إلى الحقيقة، لذلك نردد دائماً أن المستقبل يعتمد على الأطفال”.
اعتمد المخرج في تقديم المسرحية على البساطة التي كان يتمتع بها الملك والتي انعكست على القصر الذي يعيش فيه: “لا يوجد بذخ وترف، فكل شيء كان بسيطاً يشبه روح الملك الطفولية، وكذلك كانت الموسيقا المرافقة حية لأليسار بدوي على الكمان وأدون بدوي على الغيتار والغناء، كذلك أداء الممثلين العفوي البسيط والقريب من الطفل الذي حرصتُ على ألا يقتصر دوره على الجلوس ومراقبة ما يحدث بل يتواصل ويتفاعل مع الأحداث، ويشارك في اتخاذ القرارات حول ما يحدث على خشبة المسرح، وهذا أمر أساس في مسرحي حتى لا يشعر الطفل بأنه غريب عن المسرح وما يجري مع الممثلين على الخشبة”.
وحول النص الذي ألفه الكاتب نور الدين الهاشمي عن حكاية عالمية معروفة لم يلجأ بدوي إلى تبييئها، بل حافظ على شكلها الكلاسيكي المعروف وقدّمها بلغة عربية فصيحة مبسطة تخللتها مفردات عامية، يبيّن بدوي: “أغراني النص لأن فيه الكثير من الحِكم والعِبر، وكان هدفي الأول هو جعل المُشاهد يقتنع بما يقدمه الممثل من أفكار وعظات عبر المتعة التي هي مفتاح الوصول إلى رضا الحضور من الأطفال والتي أمرر من خلالها رسائلي التي يتقبّلها الطفل عن طيب خاطر، والدليل حضور الأطفال لهذا العرض”.
وعن وجوده كممثل في العرض، يبين بدوي: “تخرجتُ من المعهد العالي للفنون المسرحية ولديّ القدرة والإمكانيات لأن أعمل في المسرح بكل المجالات، وقد أديتُ دور الحارس الذي يرفض النفاق ويصر على قول الحقيقة، فالشغف وحب المسرح هو الذي يجعلني أستمر في تقديم العروض المسرحية على الرغم من الظروف الصعبة التي يمر بها المسرح وفي ظل الإمكانيات المادية المعروفة، ولولا هذا الشغف لما كان لي ولغيري ممن لا يهجرون المسرح الاستمرار”، متمنياً أن يأخذ مسرح الطفل حقه لأنه لا يقل أهمية عن مسرح الكبار”.
أما الفنان أحمد حجازي الذي أدى شخصية “كنا” صاحب الصوت الجميل وموهبة الغناء التي تعرّف عليها الأطفال من خلال غنائه على الخشبة فيقول: “ما أغراني للمشاركة في المسرحية هو الشخصية التي تحمل الكثير من الرسائل الخفية وتحكي عن دور السلطة الرابعة في الحياة، وهي تجربة جديدة ومختلفة عن بقية الأعمال التي سبق وشاركتُ فيها، خاصة وأنها تحاكي شغفي بالغناء” ويضيف: “لمسرح الطفل خصوصية كبيرة عندي، فأنا أستمتع عندما أشارك في أعمال تُقدَّم للطفل الذي أتعلم منه ومن فطرته الطبيعية الكثير كممثل، لذلك أستمتع بتقديم أي عمل له وأُسعَد بوجود جمهور كبير من الأطفال تركوا أجهزتهم التكنولوجية وجاؤوا إلى المسرح ليتابعوا عروضاً حية على خشبة المسرح بدلاً من العيش في العالم الافتراضي”.
يُذكر أن المسرحية من إنتاج مديرية المسارح والموسيقا ـ مسرح الطفل والعرائس وهي من تمثيل الفنانين: داوود شامي، وأنس الحاج، وأحمد حجازي، وخالد مولوي، وياسمين الجباوي، ووسيم قزاز، عبد السلام بدوي، موسيقا أيمن زرقان، مصمم الديكور إياد ديوب، إضاءة محمد قطان، إعلان راما بدوي، مكياج رشا بحوص، صوت راكان عضيمي، تصوير يوسف بدوي، مدير منصة هيثم مهاوش، اكسسوار علي النوري، مخرج مساعد خوشناف ظاظا.