يد سوداء تدير جيران الصين
عائدة أسعد
أثناء حضوره اجتماع مجموعة “أسبن” الاقتصادية، أوضح السفير الأمريكي لدى اليابان رام إيمانويل أن الولايات المتحدة تتطلع إلى حليفتها في منطقة آسيا والمحيط الهادئ لتولي موقف حاسم في الجهود المبذولة لحمل جيران الصين على المشاركة في إستراتيجية الولايات المتحدة لاحتواء الصين.
وقال إيمانويل:” إنه لم يعد تحالفاً للحماية، بل تحالفاً للإسقاط والولايات المتحدة تتطلع إلى اليابان لتكون شريكاً مهماً في المنطقة ليس فقط من حيث القوة الصلبة ولكن أيضاً بقوتها الناعمة”.
وأضاف الدبلوماسي الأمريكي: “إن إستراتيجية الولايات المتحدة لم تكن مجرد عزل الصين – وهو أمر غير واقعي نظراً لحجمها – بل ردعها، وجعلها تفكر مرتين في تحدي تفوق الولايات المتحدة والردع بحكم التعريف، يعني دفع شخص ما إلى تغيير سلوكه”.
وفي معرض كشفه عن القسوة التي تبديها الولايات المتحدة في سعيها إلى الحفاظ على تفوقها، أوضح أن هناك حملتين تشن كجزء من هذا الردع الذي يهدف إلى تعديل السلوك: تعزيز الموقف العسكري لشبكة التحالف الأميركي في المنطقة، وهجوم اقتصادي ودبلوماسي يهدف إلى تقويض الأمن الغذائي والطاقة في الصين، حيث تستعد اليابان الآن للعب دور رئيسي في كلتا الحملتين.
من الواضح أن الولايات المتحدة تعتبر اليابان المفتاح الإقليمي لحبس الصين في هيكل الاحتواء الذي تحاول الولايات المتحدة فيه احتواء الصين، كما يتضح من نيتها إدراج اليابان في العديد من الزمر الصغيرة التي تقودها مثل آليات الأمن الرباعية وأوكسوس، وتعزيز إطار التعاون الأمني بين الولايات المتحدة واليابان وكوريا الجنوبية، وكشفها مؤخراً عن قيادة عسكرية جديدة في طوكيو، والتي كشف رام أنها ستجلب أجزاء من الجيش الأمريكي في هونولولو إلى المسرح – وهو المصطلح الذي يعني أن الولايات المتحدة تنظر إلى المنطقة المجاورة مباشرة للصين باعتبارها ساحة المعركة التالية – والتي تعتبر على نطاق واسع مقدمة لتوسع منظمة حلف شمال الأطلسي في المنطقة.
إن ما كانت الولايات المتحدة تفعله للتقرب من اليابان يلعب لصالح بعض الساسة اليمينيين البديلين في اليابان الذين يرون فرصة لاستخدام جنون العظمة الأمريكي بشأن صعود الصين للاندفاع نحو مسار عسكري، معتقدين أنه سيعزز من مكانة اليابان الإقليمية والعالمية. ومن هنا فقد أظهرت اليابان نية قوية لتعزيز تحالفها مع الولايات المتحدة، واستعدادها للتدخل في نزاعات بحر الصين الجنوبي وقضية تايوان، حتى أنها ذهبت إلى حد الزعم بأن حالة الطوارئ في تايوان هي حالة طوارئ يابانية.
لقد أجرت اليابان والفلبين أول مناورة بحرية لهما في بحر الصين الجنوبي قبل أيام، وقالتا إن الهدف من ذلك كان مواجهة ما يزعمان أنه تأكيد متزايد من جانب الصين في المياه، وكان التدريب متوافقاً بوضوح مع اتفاقية الدفاع الموقعة الشهر الماضي، والتي تسمح بتبادل القوات العسكرية بين اليابان والفلبين للتدريب والمناورات العسكرية المشتركة.
إن الولايات المتحدة، التي انشغلت بمنافستها الإستراتيجية مع الصين، تعمل بمثابة يد سوداء تدير تصرفات جيران الصين لتعزيز هيكلها الاحتوائي، وبالتالي أصبحت العلاقات الأمنية بين اليابان والولايات المتحدة تشكل عقبة أمام العلاقات الصينية اليابانية، حيث أصبحت اليابان، تحت تحريض من الولايات المتحدة، تبدو وكأنها تدار من قِبَل الولايات المتحدة.
لقد أصبح التحالف بين الولايات المتحدة واليابان الآن بمثابة عامل سام للانقسام والمواجهة بين الكتل في المنطقة، وبدلاً من تصعيد التوترات وخلق حالة من عدم الاستقرار في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، يتعين على واشنطن وطوكيو أن تستجيبا لرغبات الشعوب المحبة للسلام في ألا يؤدي تحالفهما الأمني إلى تفجير انفجار من شأنه أن يحطم السلام والاستقرار الإقليميين.