العمالة ليست وجهة نظر
علي اليوسف
تطل “قسد” برأسها إلى واجهة الحدث من جديد، ليتأكد المؤكد أن هذه الميليشيا الانفصالية ليست إلا أداة رخيصة بيد الولايات المتحدة لتنفيذ مخططاتها المعادية لسورية. يغفل هؤلاء الخونة ويستغفلون الموقف السياسي وفق النظرة المجتزأة في التفسير، لكن “قسد” تعتقد أن الخيانة وجهة نظر، لأن أولئك الذين اشتروا ذمة الخائن يعلمون يقيناً أنه لا يستحق ثقتهم، وسيجعلونه كالطعم في المصيدة يحققون من خلاله هدفاً في مخططاتهم، وحين تنتهي مصلحتهم سيرمونه في أقرب مزبلة للتاريخ!
لقد فقد خونة “قسد” السيطرة على أنفسهم وأتباعهم، فلم يعودوا قادرين على التحكم في تصرفاتهم الجبانة، وهذا يفضح حقيقة أن هؤلاء المأجورين يعيشون أزمة الدافع الأساسي فيها هو استعدادهم لبيع الوطن، وتحويل عمل الخيانة، مع مرور الوقت، إلى لعبة “مسلية” تعكس الانحلال الأخلاقي، والمبالغة والهستيريّة في الاستعراض أمام الآخرين، وتعريض مصير وطن بأكمله للضياع.
منذ الحرب الإرهابية على سورية، كشف عن الكثير من الحقائق والمؤامرات والخيانات التي كانت مخفية وغير معلنة. اثنتا عشر عاماً فضحت الكثير من أصحاب الأهواء والمرتزقة والعملاء، ومن أولئك المستقوين بالخارج من المستغلين للظروف الداخلية لتحقيق أجندتهم الهدامة التي غايتها تفتيت المجتمعات الوطنية. لكن إذا كانت أعوام الحرب جعلت الخونة وأعداء الوطن يظهرون على السطح، فإن الدولة السورية لا تزال متحسبة لهذا الحال، وهي في كل مناسبة تفضح مخططاتهم وتظهر نواياهم وتكشف تبعيتهم الفكرية وولاءاتهم السياسية. لقد كانت ظنون خونة “قسد” وتوقعاتهم وأمنياتهم عالية جداً، فأبدوا ما يبطنون، وأظهروا ما تخفي صدورهم، ولكن الواقع خالف ظنونهم وعاكس توقعاتهم وخيب أمنياتهم، فعادوا من جديد لإظهار نواياهم الهدامة التي تطعن في الوطن ووحدته، وتستهزئ بعاداته وتقاليده، وتقلل من منجزاته وإنجازاته.
صحيح أن حالة الضعف الأخلاقي والوطني الذي تعيشه المجتمعات المنغلقة على بعضها جعلت البعض يتأثر بالمؤامرات الوافدة التي أثرت بتوجهاتهم وقادت ولاءاتهم السياسية ليكونوا تبعاً للخارج بهدف الحصول على مزيد من المكاسب في الداخل، وقد تكون هناك أسباب ومسببات أخرى، ولكن كل تلك الأسباب ليس من بينها السبب الرئيسي والأهم لظاهرة الخيانة، لأن هذه الظاهرة مرتبطة بسيكولوجية الخائن نفسه، وليس في تركيبة مجتمعه.
الكل يعلم أن هناك قراراً أمريكياً بإفشال الجهود الإقليمية والعربية الرامية إلى إيجاد حلول تدريجية للأزمة السورية، والعمل على عدة مشاريع تدميرية بالاعتماد على الأدوات العميلة التي سيطرت على الأرض في مناطق احتلال القوات الأمريكية، لكن ألا تدرك هذه الأدوات أنها تقف على أرض رخوة محاطة من كل الجوانب بخصوم لا قدرة لها على مواجهتهم، من دون دعم أمريكي، وهو دعم لن يستمر للأبد.