تحقيقاتصحيفة البعث

قرار إيقاف البناء ضمن الأراضي الزراعية بطرطوس يضرب أحلام آلاف الشباب بامتلاك مسكن!

طرطوس- لؤي تفاحة

مضى حوالي العامين على صدور قرار وزارة الأشغال العامة والإسكان القاضي بعدم السماح بمنح رخص لإشادة الأبنية السكنية ضمن الأراضي الزراعية وخارج المخططات التنظيمية للوحدات الإدارية.

تداعيات القرار المذكور ترخي بظلالها الثقيلة على محافظة زراعية صغيرة مثل محافظة طرطوس والتي يشتكي أبناؤها بالأساس من ضيق الحيازات الزراعية الصغيرة للغاية والتي تتعارض كلياً مع الشروط التي حددها القرار الوزاري ولو بالحدود الدنيا لبناء مستودع زراعي بحسب القرار رقم 3314 والذي يشترط وجود مساحة 25 دونماً في الأراضي البعلية  و/10/ دونمات في الأراضي المروية، وهذا من الصعوبة بمكان توفره في العديد من المناطق والقرى الأمر الذي سبب، بل سيتسبب لاحقاً بمشاكل مجتمعية لا تحسب نتائجها ولا تحمد تداعياتها الخطيرة في ظل هذا الارتفاع الجنوني لأسعار العقارات والشقق السكنية وعدم قدرة آلاف الشباب الباحثين عن حلمهم المشروع بتأمين مسكن لائق لإنشاء عائلة.!!

شكاوى وصرخة

ومن خلال لقاءات مع عدد كبير من أبناء القرى ومعظمهم من شريحة الشباب الذين تخرجوا في الجامعة وأدوا الخدمة العسكرية الإلزامية شكوا من مفاعيل القرار المذكور الذي أجهض أحلامهم ببناء بيت يستقرون فيه، واعتبروه ظالماً ومجحفاً، وأتى بتوقيت غير مناسب، في ظل الارتفاع الجنوني لأسعار العقارات في الأراضي الداخلة في التنظيم أو خارجه، عدا عن غلاء المواد الأولية، وكلف البناء وتحكم تجار العقارات الذين يستغلون عدم وجود أراضي مخصصة للجمعيات السكنية، عدا عن توقف مشروع السكن الشبابي الذي تم “التطبيل والتزمير” له كثيراً  وغيرها من المشاريع السكنية التي ما تزال مجرد وعود وكلام لا أثر له على الأرض!

في إحدى الشكاوى التي وصلتنا يقول أصحابها: كان الأجدى أن تعالج الوزارة مشكلة السكن لا أن تزيدها تعقيداً، وذلك من خلال مراعاة خصوصية كل محافظة وتراعي مصلحة سكانها، وأن يتم العمل على تنظيم الأراضي بما يضمن المحافظة على الثروة الزراعية من جهة ومن جهة أخرى تعمل على معالجة مشاكل السكن وتأمينه بما يضمن الاستقرار النفسي والمجتمعي لشريحة واسعة من أبناء المجتمع.

بالإمكان أفضل مما كان!

وبرأي أصحاب الشكوى كان بالإمكان أفضل مما كان، من خلال إصدار قرار يوفر الحلول العادلة لمعالجة ملف السكن الشائك، حيث امتلاك منزلاً حلماً صعب المنال، متسائلين لماذا يزيدون بقرارهم الطين بلة؟!

الشارع الطرطوسي يستغرب أن يصل سعر متر البناء في مناطق طرطوس لأكثر من خمسة مليون وضمن المدينة لأكثر من عشرة ملايين متسائلاً: هل بمقدور أحد من أبناء الريف الفقير المثقل بهموم المعيشة أن يؤمّن مسكناً بحدود /100/ م  بكلفة قد تصل لحدود المليار ليرة سورية، وربما أكثر بحسب المساحة؟!.

سؤال مشروع في ظل عجز  الكثيرين عن توفير سيولة مصرفية ، والسبب الآخر شروط المصرف العقاري.

في ظل هذا الواقع الصعب بدأ الشباب يبحثون عن سكن في مناطق المخالفات المحيطة بالمدينة، والتي تنمو بعيداً عن عين الرقابة، بل هناك غض نظر من قبل الجهات المختصة، رغم التداعيات الخطيرة التي تؤثر على البنية الخدمية وتشوّه المخططات التنظيمية!.

إيضاح وتفسير

سمير علي عضو المكتب المختص بقطاع الزراعة في محافظة طرطوس أوضح أن قرار وزارة الأشغال العامة والإسكان هو هام وضرري من حيث المبدأ كونه يهدف للمحافظة على الأراضي الزراعية التي بدأت تتآكل بسبب الزحف العمراني، ولكن –والكلام لعضو المكتب المختص- في ظل واقع محافظة طرطوس حيث الحيازات الزراعية الصغيرة  فإنه من الأهمية أن  تراعى خصوصيتها بما يضمن إعادة النظر بموضوع شروط المساحة المطلوبة والحيازة الزراعية ولاسيما في الأراضي البعلية والتي معظمها تحتاج لمشاريع استصلاحية وتخديمية تضمن تنميتها والاستقرار فيها.

معنيون آخرون كان لهم ذات الرأي، مشيرين أن القرار المركزي  أصاب جيل الشباب في المحافظة بمقتل، حيث حرمهم من حقهم بتأمين سكن لهم وتركهم فريسة لتجار العقارات التي باتت مكاناً مناسباً لتبييض الأموال من قبل بعض حديثي النعمة بحسب كلامهم، مؤكدين على ضرورة التوجه نحو تفعيل نظام السكن المناطقي الذي يحقق العدالة المجتمعية والخدمية لريف المحافظة الجميل، وبذات الوقت يحافظ على خصوصية المحافظة الزراعية ويخفف من الازدحام والضغط على مركز المدينة المحكومة بعدم القدرة على التمدد الأفقي، خاصة وأن نظام ضابطة البناء غير عصري ولا يلبي طموحات أبناء المدينة الحالمين بالسكن!.

كلمة لابد منها

مهما كانت التبريرات التي ساقها القرار الصادر عن وزارة الأشغال والإسكان فإن تداعياته الخطيرة بدأت تظهر من خلال شل الحركة العمرانية في ريف المحافظة وبغض النظر عن كتاب وزير الزراعة الذي استند عليه كتاب الأشغال والإسكان وما اقترحته لجنة  الخدمات في رئاسة الحكومة فإن المطلوب معالجة تفصيلية وليس مركزية ولعل ما توفر “للبعث” من معلومات عن  طلب إعداد مذكرة لمعالجة هذا الملف سيتم رفعها للجهات المختصة تأتي ضمن هذا الإطار والحرص بهدف الوصول للغاية المرجوة فهل يطول الانتظار؟!.

هو سؤال مشروع لكل أبناء المحافظة من الشباب الحالمين بامتلاك عش الزوجية!