دراساتصحيفة البعث

نتنياهو يجّر الشرق الأوسط إلى الحرب

هيفاء علي

تؤكد تريتا بارسي، نائب الرئيس التنفيذي لمعهد كوينسي لفن الحكم المسؤول، على أن “اسرائيل” تقف وراء اغتيال إسماعيل هنية في طهران بعد ساعات قليلة من تنصيب الرئيس الإيراني الجديد مسعود بزنشكيان وأن حكومة الاحتلال تتعمد تعظيم احتمالات الانتقام الإيراني حتى أن نتنياهو يريد إشعال حرب أكبر وجر الولايات المتحدة إليها.

وأضافت أن “إسرائيل” ستدفع ثمناً باهظاً في حرب تشمل المنطقة بأكملها، لأنها تعتقد أن اغتيال هنية يبدد احتمال التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، إذ لطالما عارض نتنياهو التوصل إلى اتفاق من شأنه إنهاء الحرب.

وكشفت أن صحف الكيان الاسرائيلي قامت بتسريب معلومات حساسة خلال الجولات السابقة من المفاوضات وفي لحظات حاسمة من أجل تخريب المحادثات. وكما قال بايدن لمجلة “تايم” عندما سُئل عما إذا كان نتنياهو يطيل أمد الحرب من أجل حياته السياسية، “هناك كل الأسباب لاستخلاص هذا الاستنتاج”.

يعلم نتنياهو أن احتجاز الأسرى سيؤدي إلى انهيار حكومته وإنهاء فترة حكمه كرئيس للوزراء، ومن المحتمل أيضاً أن يعني ذلك رفض محاكمته الجارية بالفساد، الأمر الذي قد يؤدي به إلى السجن. ولا شيء يقتل هذه المفاوضات مثل إنهاء حياة المفاوض على الجانب الآخر من الطاولة.

علاوة على ذلك، أدى اغتيال هنية أيضاً إلى إنهاء خط تفاوض محتمل آخر، ذلك الخط بين الولايات المتحدة وإيران، وكان الانتخاب المفاجئ لبزيشكيان، الذي اعتمد في حملته الانتخابية على برنامج استئناف المحادثات مع الولايات المتحدة، بمثابة نافذة صغيرة لتجديد الدبلوماسية، ونظراً لمعارضة “إسرائيل” المستمرة لتحسين العلاقات بين الولايات المتحدة وإيران، فإن اختيار اغتيال هنية في وقت تنصيب بزشكيان ليس من قبيل الصدفة، حيث سعى  نتنياهو طوال عقدين من الزمن إلى دفع الولايات المتحدة إلى الحرب ضد إيران، وقد تعرض الرؤساء الأمريكيون الأربعة الأخيرين، في وقت أو آخر، لضغوط من “إسرائيل” لمهاجمة إيران.

ومن جهة أخرى، ترى تريتا بارسي، أن اغتيال هنية قد يؤدي إلى محاصرة الرئيس المستقبلي، كاميلا هاريس، وفي حين أن إدارة بايدن دأبت على إلقاء اللوم على حماس لفشلها في التوصل إلى اتفاق، إلا أن هناك دلائل تشير إلى أن هاريس قد تتخذ نهجاً مختلفاً تجاه إذعان بايدن شبه الكامل “لإسرائيل”.

ورغم أن التركيز كان منصباً على البرنامج النووي الإيراني، إلا أن الرغبة في شن هجوم مباشر من جانب الولايات المتحدة تذهب إلى ما هو أعمق من تخصيب اليورانيوم، اذ ترى “إسرائيل” أن إيران تهدد الاتفاق الإقليمي الذي يوفر لها أقصى قدر من القدرة على المناورة، بما في ذلك القدرة على ضرب سورية ولبنان دون عقاب. ويعتقد الإسرائيليون أن الاتفاق النووي الذي يمنع إيران من تصنيع قنبلة نووية لن يغير التوازن الإقليمي لصالح إيران.

في الواقع، كان تقارب أوباما مع إيران سبباً في تحويل ميزان القوى الإقليمي على حساب “إسرائيل.  واليوم، لا يزال بوسع الولايات المتحدة أن تمنع المنطقة من الانزلاق إلى الفوضى، ولكن فقط إذا كانت مستعدة لوضع خطوط حمراء واضحة وعلنية لنتنياهو، وفقط إذا توقفت عن الإذعان والانصياع الكامل وغير المشروط “لإسرائيل”، بحسب الكاتبة.