مكافحة النزيف المائي والأسئلة المريرة
مروان حويجة
فيما لا يزال الكشف على مكامن هدر واستنزاف مياه الشرب في اللاذقية مستمراً، تُظهر المتابعة اليومية فداحة الفاقد المائي الحاصل والتعدّيات السافرة، والمخالفات الجائرة والمتراكمة لمدة زمنية طويلة، على حساب النقص الحادّ في تغذية التجمعات السكنية، وتفاقم المعاناة لسنوات، دونما أية معالجة جدّية، لمخالفات الاستجرار غير المشروع.
والمفارقة المؤسفة أن هذا الفاقد المزمن ظلّ يتربّع – نظرياً وصورياً ـ على قائمة مسبّبات ومبرّرات تراجع الوارد المائي والانخفاض الكبير في هذا الوارد الذي تبدّد بعيداً عن الخزّانات التجميعية المغذّية للتجمعات السكنية، وغير ذلك من أسباب تدخل في استفحال هذه الاختناقات، وأهمها، على الإطلاق، عدم ردع المخالفين، وعدم كبح تجاوزهم، رغم ما كان يُصرّح به عن ضبوط كثيرة.
وأمام هذه المجريات المتسارعة، من الطبيعي أن تقفز اختناقات المياه إلى واجهة الاهتمام، وتتصاعد المطالب بالمحاسبة، وإلّا ما تفسير ومبرّر أن تستوجب معالجة هكذا تعديات التدخل والتواجد الميداني لكبار المعنيين في المحافظة، لردع المخالفين والمتعدّين على الشبكة، بدءاً من المصدر في موقع نبع السن، وعلى امتداد الخط، ودليل ذلك أنّ هذا المشهد المائي الصادم يتفاعل بقوة، ويستأثر باهتمام أهالي المحافظة وتجمعاتها السكنية، بل كل الشارع اللاذقاني الذي يتداول هذا المشهد، على أوسع نطاق، بطرح الأسئلة العديدة، حول مبرّر هذه المعاناة المزمنة، ومسبباتها، والتأخّر في التحرّك لمعالجتها عبر السنوات الماضية المتعاقبة من كل الجهات المعنية التي لو كانت جديّة في المراقبة والمتابعة والمحاسبة، لما وصلنا إلى استنزاف تلك الكميات الكبيرة من المياه، ولما كان الوضع المائي تورّم وتفاقم إلى هذا الحدّ المزري ، حتى بات مستعصياً على المعالجة والإزالة!
وبانتظار الحصيلة النهائية للمخالفات التي تمّ ضبطها، والتعدّيات التي تمّ كشفها، وهي كثيرة ومؤسفة بحجمها وانعكاسها السلبي. وأياً كانت المسبّبات، فإنّ أبناء اللاذقية يترقّبون بكل الاهتمام كبح جماح الهدر المائي نهائياً، وفي كل مواقع التعدّيات، آملين أن تنعكس عليهم المياه المستعادة راحة وطمأنينة بعد طول انتظار.