صحيفة البعثمحليات

الوردة الشامية نموذج يستدعي إبرازه كعلامة مسجلة

دمشق – البعث

لعل ما خلصت إليه الدراسة الصادرة عن المركز الوطني للسياسات الزراعية حول الجدوى الاقتصادية للوردة الدمشقية ومنتجاتها، وضعت الإصبع على جرح الموارد الضائعة خاصة تلك المتمتعة بمزايا نسبية والكفيلة بتحقيق قيم مضافة في حال تم العمل على معالجة ما يحول دون إبرازها كعلامة مسجلة لاقتصادنا الوطني.

وسنبدأ من حيث انتهت إليه هذه الدراسة بعد تشخيصها لحيثيات واقع منتج الوردة الشامية، إذ أوصت بإنشاء معامل لتقطير ماء وزيت الوردة الدمشقية ولتصنيع منتجاتها المختلفة، بما في ذلك مواد التجميل التي تعتمد على نواتج الوردة “الكريمات”، وتزويد مناطق إنتاج الوردة بصهاريج للري، وتزويدها بوحدات إرشادية داعمة، وتوزيع المبيدات الحشرية المكفولة على المزارعين عن طريق الإرشادية وبالتعاون والتنسيق مع المصرف الزراعي، وإعادة تأهيل طرقات مناطق الإنتاج لأن الورود الخضراء تفقد معظم قيمتها فيما إذا تأخر إيصالها إلى مكان التقطير وهو الأمر الذي يعاني منه المزارعون في قرية المراح مما يدفع معظمهم لبيع الوردة على شكل أزرار جافة، علماً أن الجدوى الاقتصادية لتقطيرها أعلى بكثير من جدوى بيعها كأزرار جافة.

تناغم

فالدراسة إذاً تتناغم بشكل أو بآخر مع التوجه الحكومي في مسألة البحث عن الموارد كونه المنحى الطبيعي لتعزيز الإمكانيات وتفعيل الإنتاج، ويمكن استقراء ما حملته سطور هذه الدراسة من رسائل تحض على تظهير الوردة الشامية كمصدر يعوّل عليه لتحقيق إيراد ليس بالقليل نسبياً، فبموجب الدراسة يبلغ سعر غرام زيت الوردة في سورية ما يقارب سعر غرام الذهب، ويتطلب إنتاج كيلو غرام واحد من الزيت أربعة أطنان من الوردة الشامية كمعدل معياري، ويبلغ ثمن كيلو الزيت 12 – 15 ألف دولار تصديري، مشيرة إلى أن الكميات التي كانت تصدرها سورية قبل الأزمة لا تشكل سوى أقل من 1% من السوق العالمية، وهنا تبرز الدراسة ملاحظة مهمة بالنسبة للتصدير وهي تنويع المنتجات، كون أن صادرات منتجات الوردة هي عبارة عن زيت الوردة والأزرار الجافة، بينما لا توجد صادرات من المربيات أو شراب الورد مثلاً، فإذا أمكن القيام بحملات دعاية وتسويق لهذا المنتج في الأسواق الإقليمية والعالمية، يمكن أن يكون ذلك سبباً لتوسيع الطلب على منتجات الوردة السورية وبالتالي عاملاً يدعو لتوسيع الإنتاج المحلي لملاقاة الطلب على الصادرات السورية من هذا المنتج أو ذاك، وهنا يجب التأكيد على أهمية الدعاية والترويج لمنتجات الوردة الشامية السورية بمختلف أنواعها في الأسواق الإقليمية والعالمية عموماً والأسواق الصديقة خصوصاً.

جدوى ولكن..!.

ففي وقت تدل فيه الدراسة على ضرورة الاستفادة من الجدوى الاقتصادية لما تتمتع به بلادنا من موارد، تبين وجود جدوى اقتصادية مرتفعة لزراعة وإنتاج الوردة وتصنيع منتجاتها سواء أكانت جدوى مالية أم تسويقية أم بيئية أم اجتماعية أم فنية. كما أن دراسة الحالة في قرية المراح “قرية الوردة الدمشقية” كشفت عن الأهمية البالغة لزراعة الوردة الدمشقية بالنسبة لمعيشة السكان في منطقة إنتاجية نموذجية كالمراح، حيث يشكل العائد من زراعة الوردة ما نسبته 43% من إجمالي دخل الأسر بالمتوسط كما أنها تشجع وتنشط الصناعات الريفية التقليدية ولاسيما نشاط النساء حيث ينحصر نشاط صناعة المربيات وصناعة شراب الورد بالنساء الريفيات دون الرجال، بينما ينحصر النشاط التسويقي بالرجال، بينما تقتصر عملية التقطير على الرجال. لذلك أوصت الدراسة بتركيز البحث العلمي على موضوع التحسين الوراثي للوردة ولاسيما إطالة فترة تفتحها وصولاً إلى وردة تعطي على مدار العام وهو أمر يمكن الوصول إليه عن طريق الهندسة الوراثية. إلى البحث عن أسواق التصدير الخارجية.

واعتبرت الدراسة أنه في حال عدم إنشاء معمل تصنيع منتجات الوردة في منطقة مجاورة للأراضي المزروعة بها، يمكن إنشاء برادات تجميع في مناطق الإنتاج للحفاظ على جودة المنتج وتخزينه وتبريده مؤقتاً ريثما يتم نقله إلى المعمل المخصص. وفي حال عدم إمكانية إنشاء معمل للتقطير، يمكن إنشاء ورشات تقطير متعددة بحيث تغطي كل منها 10 – 15 مزارع، ويفضل استعمال أجهزة التقطير المصنوعة من النحاس وليس الكروم نظراً لأنها تحافظ على جودة المنتج بدرجة أكبر. وتفعيل موضوع المؤشرات الجغرافية لحماية منتجات الوردة عالمياً وحصرية امتيازها بالمنتج السوري، وكذلك تفعيل موضوع حقوق الملكية الفكرية “التنوع الحيوي” عن طريق وزارة التجارة الداخلية.