حتمية الرد والرادع المؤثر
د. معن منيف سليمان
تدفع الممارسات الإسرائيلية الوضع في المنطقة للانفجار في ظل إصرار رئيس حكومة الاحتلال الصهيوني بنيامين نتنياهو على توسيع دائرة الحرب على كل الجبهات، ما يجعل كل الخيارات مفتوحة بشأن نشوب حرب إقليمية تجر معها عدة دول أخرى للحرب.
إن نتنياهو يضع في حسبانه هدفاً يعتمد على المسار العسكري والتصعيد والمماطلة في التفاوض، ذلك أن نجاح الهدنة في غزة ومبادلة الأسرى سيعني نهاية حياته السياسية، لذلك يسعى لكسب الوقت عبر الاغتيالات للهروب من أزمته الداخلية. فهو يراهن على استمرار الحرب ليضمن بقائه في السلطة وتعزيز فرصة نجاحه في الانتخابات لدى اليمين المتطرف ليضمن أيضاً إعادة انتخابه من جديد في أية انتخابات مستقبلية، ما ينجيه من شبح المساءلة الذي يطارده وذلك بالاعتماد على دعم الولايات المتحدة التي تؤكد على التزامها بحماية الكيان وأنها لن تتركه وحيداً في حال تعرض لأي “تهديد” حسب تعبيرها.
ويسعى نتنياهو إلى جر إيران إلى حرب إقليمية وتوريط الولايات المتحدة مباشرة في الصراع، وبالإضافة إلى ذلك، يعمل نتنياهو على تغطية إخفاقاته المتتالية بدءاً من هجوم السابع من تشرين الأول الماضي، ثم عملية الوعد الصادق الإيرانية قبل أشهر، وأخيراً الجريمة في مجدل شمس بالجولان السوري المحتل. ولهذا يحاول رفع معنويات جيشه المنهارة من خلال إشعال المنطقة بحرب إقليمية واللعب وفق أهدافه الإستراتيجية.
وفي سبيل تسجيل إنجاز في عدوانه على غزة لجأ نتنياهو إلى الاعتداء على طهران لما يمثله ذلك الاستهداف من استفزاز ونيل من هيبة الدولة الإيرانية، خاصةً في يوم الاحتفال بتنصيب الرئيس الإيراني الجديد مسعود بزشكيان.
اليوم تسود حالة من الترقب حول طبيعة الرد الإيراني، وقد أثيرت حول ذلك عدة تساؤلات عن أنه هل سيأتي الرد وفق قواعد الاشتباك، أو أن إيران لن تتصرف بحالة من الانضباط بحيث يكون الرد عبر ساحات متعددة، أو من خلالها بشكل مباشر، أو استهداف المطارات الإسرائيلية وخاصة العسكرية، أو إحدى المنشآت الحيوية الإسرائيلية، أواغتيال لبعض المسؤولين الإسرائيليين؟ كما أثيرت تساؤلات أخرى حول تداعيات الرد الإيراني، ومدى إمكانية أن يتسبب الرد بنشوب حرب إقليمية بالمنطقة.
إن إيران تدرس طريقة الرد وتخطط لحجم الانتقام ولديها خيارات كثيرة حول أهداف عديدة، ولكن الأهم من ذلك أن إيران لن تتردد في ممارسة حقها الأصيل في الدفاع عن النفس، كما هو منصوص عليه في المادة ٥١ من ميثاق الأمم المتحدة، للرد بشكل حاسم وسريع، إذ أن المسألة ليست في طبيعة الرد، بل في حتمية الرد الرادع والمؤثر والمختلف والقاسي.
إن الرد أمر ضروري، بهدف ردع الكيان عن استخدام أسلوب الاغتيالات ومنعه من انتهاك السيادة الإيرانية، وقد وضعت إيران علماً أحمر سمي “علم الثأر” على قبة أحد المساجد في مدينة قم، ويعد رفع علم الثأر في التراث الإيراني بمنزلة “إعلان حالة حرب”، وقد أكد المسؤولون الإيرانيون على أن طهران مضطرة للرد وسط مظاهرات جابت شوارع المدن الإيرانية رفعت شعارات منددة ومطالبة بالرد بقوة.
ويأتي تصريح السيد خامنئي بالانتقام وضرب الكيان بشكل مباشر تأكيداً على حتمية الرد والعقاب القاسي، ذلك أن الكيان وفر أساساً لمعاقبته بقسوة، ومن خلال تصريحات المسؤولين الإيرانيين يتبين أن الرد الحتمي سيكون بعمليات خاصة موجعة ومختلفة عن وقائع سابقة ما يبعث على الندم.