دراساتصحيفة البعث

الصندوق الوطني للديمقراطية… قفازات ملطخة للحكومة الأمريكية

عناية ناصر

انخرط الصندوق الوطني الأمريكي للديمقراطية  (NED)، ولفترة طويلة، في تقويض السلطات، والتدخل في الشؤون الداخلية للكثير من الدول، والتحريض على الانقسام والمواجهة، وتضليل الرأي العام، وإجراء التسلل الإيديولوجي، كل ذلك تحت ذريعة تعزيز الديمقراطية. كما و تسببت أفعاله الشريرة التي لا تعد ولا تحصى في أضرار جسيمة، والتي أثارت إدانة شديدة من قبل المجتمع الدولي.

استمر الصندوق الوطني الأمريكي للديمقراطية، في السنوات الأخيرة، في تغيير التكتيكات، بل وذهب إلى أبعد من ذلك في العمل ضد الاتجاه التاريخي للسلام والتنمية والتعاون المربح للجانبين. وقد أصبح أكثر شهرة بسبب محاولات التسلل والتخريب ضد بلدان أخرى. ولذلك من الضرورة فضح (NED)، وتنبيه جميع البلدان إلى ضرورة اكتشاف ألوانه الحقيقية، والاحتراس من محاولات التعطيل والتخريب والقضاء عليها، وحماية سيادتها الوطنية وأمنها ومصالحها التنموية، ودعم السلام العالمي والتنمية والعدالة والإنصاف الدوليين.

ما هو(NED)؟!

يزعم (NED) أنه منظمة غير حكومية تقدم الدعم للديمقراطية في الخارج، لكنه في الواقع، يعمل بمثابة “القفازات البيضاء” للحكومة الأمريكية في تنفيذ التخريب والتسلل في جميع أنحاء العالم. فـ (NED) هو الجهة المنفذة للعمليات السرية التي تقوم بها وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية. على سبيل المثال، في الأيام الأولى من الحرب الباردة، دعمت وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية أنشطة المعارضة في البلدان الاشتراكية في أوروبا الشرقية من خلال “منظمات تطوعية خاصة” لتعزيز ما يسمى “التطور السلمي”. وبعد الكشف عن مثل هذه الأنشطة في منتصف وأواخر ستينيات القرن العشرين، بدأت الحكومة الأمريكية في التفكير في التعاون مع منظمات المجتمع المدني للقيام بأنشطة مماثلة، ومن هنا جاءت فكرة إنشاء منظمة من هذا النوع.

وكما كتب الباحث الأمريكي ويليام بلوم، “كانت الفكرة أن يقوم(NED) بشكل علني إلى حد ما بما كانت وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية تقوم به سراً لعقود من الزمان، على أمل، القضاء على الوصمة المرتبطة بالأنشطة السرية التي تقوم بها وكالة الاستخبارات المركزية.

كيف تأسس (NED) وآلية تمويله و عمله؟!

تأسس (NED) تحت رعاية الحكومة الأمريكية. ففي عام 1981، بعد توليه منصبه، كان الرئيس رونالد ريغان يعتزم الترويج لـ”مشروع الديمقراطية” في الخارج، واقترح إنشاء مؤسسة تمولها الحكومة وتديرها جهات خاصة لدعم “الحركات الديمقراطية في الخارج” بشكل علني. وكان أحد أهداف (NED)، الذي تم إنشاؤه في عام 1983، هو تشجيع إنشاء ونمو التنمية الديمقراطية بطريقة تتفق مع مخاوف الواسعة النطاق للمصالح الوطنية الأمريكية، ومع المتطلبات المحددة للمجموعات الديمقراطية في البلدان الأخرى التي تساعدها البرامج التي يمولها.

وكان يتم تمويل (NED) من قبل حكومة الولايات المتحدة، ففي 22 تشرين الثاني 1983، أقر الكونغرس الأمريكي قانون (NED) الذي أكد على أغراض (NED)، وأوضح قضايا مثل المخصصات الخاصة بالكونغرس، والتدقيق المالي من قبل الحكومة، ومتطلبات تقديم التقارير إلى الكونغرس والرئيس. وفي عام 1983، وهو العام الذي تأسس فيه (NED)، قدم الكونغرس 18 مليون دولار أمريكي إلى( (NED.

وعلى مدى السنوات الأربعين الماضية، استمر حجم المخصصات الخاصة بالكونغرس في الزيادة بشكل عام. ووفقاً لبيانات صادرة عن قاعدة بيانات للإنفاق من قبل الحكومة الفيدرالية الأمريكية، تلقى(NED) مخصصات قدرها 315 مليون دولار أمريكي في السنة المالية 2023. وكما كشف تقرير صادر عن مؤسسة “كارنيغي للسلام الدولي”، فإن جميع أموال (NED) تقريباً تأتي من الكونغرس الأمريكي.

تدار برامج (NED) تحت إشراف وزارة الخارجية الأمريكية والسفارات في الخارج. وكما هو مطلوب بموجب التشريع التمكيني لـ (NED)، يجب على (NED) التشاور مع وزارة الخارجية بشأن خطط برامجه لطلب التوجيه في مجال السياسة الخارجية. ووفقاً لتقرير الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية “برامج تعزيز الديمقراطية الممولة من قبل حكومة الولايات المتحدة”، يتشاور (NED) بشكل مستمر مع وزارة الخارجية، من خلال مكتب الديمقراطية وحقوق الإنسان والعمل، ومع وكالة الإعلام الأمريكية ومع السفارات الأمريكية في الخارج بشأن المسائل البرامجية.

يقدم (NED) تقارير إلى حكومة الولايات المتحدة عن عمله ويقبل التدقيق والإشراف من قبل الحكومة. ووفقاً لقانون (NED) ، يتعين على الصندوق تقديم تقرير سنوي إلى الرئيس عن السنة المالية السابقة في موعد أقصاه 31 كانون الأول من كل عام. ويجب أن يتضمن التقرير عمليات (NED) وأنشطته وإنجازاته. ويتم إجراء تدقيق (NED) سنوياً من قبل مكتب المحاسبة العامة للحكومة الأمريكية.

كما تتمتع حكومة الولايات المتحدة بالقدرة على الوصول إلى المعلومات المتعلقة بجميع البرامج الممولة من(NED)، فوفقاً لقانون (NED)، يحق لـ (NED) أو أي من ممثليه المخولين على النحو الواجب الوصول إلى أي كتب أو وثائق أو أوراق أو سجلات للمستفيد فيما يتعلق بالمساعدة المقدمة من خلال (NED)، كما يحق للمراقب العام للولايات المتحدة أو أي من ممثليه المخولين على النحو الواجب الوصول إلى هذه المعلومات.

حظي تفويض (NED) بتأييد الحكومة الأمريكية، حيث قال فيليب آجي، الضابط السابق في وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، في برنامج تلفزيوني بث عام 1995: في الوقت الحاضر، بدلاً من أن تكون وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية هي التي تعمل خلف الكواليس وتحاول التلاعب بالعملية سراً من خلال إدخال الأموال هنا والتعليمات هناك وما إلى ذلك، فقد أصبح لديها الآن مساعد، وهو (NED).

أفعال سيئة بأشكال مختلفة

  • التحريض على ثورات ملونة لتقويض سلطة الحكومات الشرعية

تم تسجيل تدخل (NED) في العديد من الدول وفي مقدمتها إيران وروسيا وكوريا الديمقراطية وكوبا وبلدان الشرق الأوسط، حيث عمد إلى دعم وتمويل الحركات المناهضة للحكومات التي ترفض السياسات الأمريكية. ففي إيران حاول(NED) الإطاحة بالحكومة الإيرانية من خلال دعم “مركز حقوق الإنسان في إيران “، ووكالة “أنباء نشطاء حقوق الإنسان” في اختلاق الأخبار الكاذبة، ودعم المعارضين في العمل مع المنظمات المناهضة للحكومة، والمنافذ الإعلامية لتنظيم حملات التشهير ضد الحكومة الإيرانية.

  • استخدام تكتيكات مختلفة للتسلل إلى الدول العربية

لعب(NED) دوراً في “الثورة الملونة” في أوكرانيا، وخلال الثورة البرتقالية عام 2004، قدم NED)) 65 مليون دولار أمريكي للمعارضة الأوكرانية. وفي الفترة ما بين عامي 2007 و2015، خصص(NED) أكثر من 30 مليون دولار أمريكي لدعم المنظمات غير الحكومية الأوكرانية . كما أنفق (NED)عشرات الملايين من الدولارات في استخدام منصات التواصل الاجتماعي مثل “فيسبوك”، و”إكس”، و”إنستغرام” لنشر المعلومات المضللة، وتصعيد التوترات العرقية في أوكرانيا.

كما كان هناك محاولة للإطاحة بحكومة جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية، حيث صرح رئيس (NED) كارل غيرشمان في تموز 2002، لوسائل الإعلام أن ( (NED) كان يعمل مع الكونغرس لتنفيذ أنشطة من خلال عدد من المنظمات غير الحكومية، والتأثير على الرأي العام بهدف تقويض، وتفكيك نظام جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية.

  • التواطؤ مع كل العناصر للتدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى

وفقاً لتقريره السنوي لعام 2021، دعم (NED) وسائل الإعلام المؤيدة للولايات المتحدة، وزرع “نشطاء الديمقراطية”، وموّل مجموعات من أجل “الديمقراطية والحرية” في الدول العربية.

وفي أيار 2021، قال رئيس (NED) غيرشمان إنه على الرغم من حظره في روسيا، مول (NED) تشغيل عدد كبير من المنظمات في روسيا ودعمت شخصيات المعارضة الروسية في المنفى ضد الحكومة الروسية في منعطفات سياسية مهمة، مثل مجلس الدوما والانتخابات الرئاسية والمحلية.

كما تسلل (NED) إلى أوروبا واستقطب مسؤولي الاتحاد الأوروبي، حيث كان يشجع الصوت المؤيد للتعاون عبر الأطلسي داخل مؤسسات الاتحاد الأوروبي، بينما يقمع الصوت المؤيد للاستقلال الاستراتيجي، وتمويل “وسائل الإعلام المستقلة” في أوروبا لترجيح الرأي العام لصالح الولايات المتحدة.

  • تشويه وضع حقوق الإنسان في البلدان الأخرى

تلتزم “مجلة الديمقراطية” التي يرعاها (NED) عادة بمعايير الديمقراطية على الطريقة الأمريكية، وتنتقد انتخاباتها الرئاسية وسياساتها الاقتصادية، وأوضاع حقوق الإنسان فيها، والتحولات الديمقراطية فيها. ففي تموز 2023، نشرت “مجلة الديمقراطية” خمسة مقالات عن الديمقراطية الهندية تحت عنوان “هل الهند لا تزال ديمقراطية؟”، زاعمةً أنه منذ تولي رئيس الوزراء ناريندرا مودي السلطة، انخرطت حكومته في ما يعتبره البعض تفكيكاً شاملاً للمؤسسات والمعايير والممارسات الديمقراطية.

  • التلاعب بانتخابات الدول الأخرى والتدخل فيها

أجرت صربيا خلال نيسان 2022 وتشرين الثاني 2023 انتخاباتها الرئاسية والمحلية، لكن(NED) تدخل في العملية الانتخابية بأكملها، وبذل قصارى جهده لتشجيع مرشحي المعارضة المؤيدين للولايات المتحدة في الفترة التي سبقت الانتخابات. في أيار 2023، نظمت جماعات حقوق الإنسان الذي يرعاها (NED) والمنظمات المعارضة الموالية للولايات المتحدة مظاهرات حاشدة للمطالبة باستقالة الحكومة الصربية.

  • التحريض على الانقسام والمواجهة لتقويض استقرار البلدان الأخرى

أخبر كينيث وولاك، رئيس مجلس إدارة (NED) الكونغرس الأمريكي ذات مرة عن جهود الصندوق الوطني للديمقراطية طويلة الأمد لتمكين معارضي أعداء الولايات المتحدة وقدراتهم على تغيير الحكومات الأجنبية، وقد تجلى ذلك من خلال:

  1. دعم القوى الانفصالية “لاستقلال تايوان”، حيث استضاف (NED) وسلطات الحزب الديمقراطي التقدمي التايواني في عام 2022، جمعية عالمية للحركة العالمية من أجل الديمقراطية ووجهت الدعوة إلى برلمانيين أوروبيين وممثلي مراكز الفكر. وحاولوا حشد “القوى الديمقراطية” لفتح “خط المواجهة للنضال الديمقراطي في الشرق” وترويج الرواية الزائفة أوكرانيا اليوم، وتايوان غداً. وفي تموز 2023، ذهب رئيس مؤسسة (NED) دامون ويلسون إلى تايوان للاحتفال بالذكرى العشرين لتأسيس مؤسسة تايوان للديمقراطية، وقدَّم “ميدالية خدمة الديمقراطية” إلى تساي إنغ ون.
  2. التواطؤ مع قوى مزعزعة للاستقرار معادية للصين في هونغ كونغ، حيث تواطأ (NED) مع أولئك الذين يحاولون زعزعة استقرار هونغ كونغ من خلال توفير الأموال والدعم العام. في عام 2020، أنشأ (NED) العديد من المشاريع في إطار برنامجه المتعلق بـ هونغ كونغ بمبلغ إجمالي يزيد عن 310.000 دولار أمريكي لتمويل أولئك الذين يحاولون زعزعة استقرار هونغ كونغ. وفي عام 2023، تواطأ الصندوق الوطني للديمقراطية مع منظمات مثل “هونغ كونغ واتش” ومنظمة العفو الدولية، بالإضافة إلى المشرعين المناهضين للصين من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وألمانيا.
  3. دعم (NED) منذ زمن طويل منظمة “المؤتمر الأويغوري العالمي” المناهضة للصين، بتمويل سنوي متوسط يتراوح من 5 إلى 6 ملايين دولار أمريكي. في آذار عام 2024، دعا (NED) أحد قادة “المؤتمر الأويغوري العالمي” للحديث، وتشويه سمعة السياسات العرقية الصينية.
  4. في آذار 2023، قاد رئيس الصندوق الوطني للديمقراطية دامون ويلسون وفداً من (NED) إلى دارامسالا، الهند، للقاء قادة “استقلال التبت” وإظهار الدعم لأنشطة “استقلال التبت”. في تشرين الثاني 2023، قدم (NED) جائزة الديمقراطية للشجاعة الفردية لجيجمي جياتسو، الناشط من أجل “استقلال التبت”.
  • اختلاق معلومات كاذبة لتضليل الرأي العام

زعم رئيس (NED) دامون ويلسون، خلال مقابلة مع صحيفة “أساهي شيمبون”، كذباً أن الصين استخدمت وسائل تقنية والذكاء الاصطناعي لمراقبة المواطنين. وفي 30 تشرين الثاني 2023، اختلق نائب رئيس (NED) كريستوفر ووكر أكاذيب حول احتكار الحزب الشيوعي الصيني للأفكار أثناء الإدلاء بشهادته أمام لجنة مجلس النواب الأمريكي الخاصة بالمنافسة الإستراتيجية بين الولايات المتحدة والحزب الشيوعي الصيني.

  • استخدام “الأنشطة الأكاديمية” كغطاء للتدخل والتسلل

مول (NED) مركز الحوكمة للسياسات العامة في العراق، والذي أصدر تقرير المؤشر الوطني للتحول الديمقراطي في العراق لمدة ست سنوات متتالية، حيث منح درجات منخفضة في كل مرة للديمقراطية في العراق، وصنف العراق باعتباره دولة “انتقالية استبدادية جزئياً”.

رفض العراقيون التقرير، لأنه لا يعكس بصدق التقدم الذي أحرزه العراق في الإدارة الحكومية والحوكمة الاجتماعية والديمقراطية والنظام القانوني. ويعتقدون أن الغرض من إبقاء النتائج منخفضة هو تقديم الأعذار لمواصلة التدخل الأمريكي في الشؤون الداخلية للعراق وتأجيل انسحابها العسكري.

قدم الصندوق الوطني للديمقراطية مئات الآلاف من الدولارات كتمويل لـ”مركز القيم الأوروبي للسياسة الأمنية”، و”مركز الأمن العالمي”، و ومراكز أبحاث أخرى لتنظيم ندوات وأنشطة مختلفة تحث الاتحاد الأوروبي على إتباع سياسة “الفناء الصغير والسياج العالي” الأمريكية.

  • فضح (NED) وانتقاده من قبل الولايات المتحدة والمجتمع الدولي

نشر عضو الكونغرس الفيدرالي السابق رون بول ذات مرة أن (NED) أهدر الكثير من أموال دافعي الضرائب الأمريكيين لدعم السياسيين الأجانب والأحزاب التي تفضلها الولايات المتحدة، وأن مثل هذه الأفعال تنتهك بوضوح القانون المحلي للولايات المتحدة. لقد قدم(NED) أموالاً غير مشروعة لتمويل الانتخابات الأجنبية، ولكنه صور هذا التلاعب بالانتخابات على أنه”تعزيز للديمقراطية”.

في أيلول 2021، نشر ستيفن كينزر، وهو مراسل سابق لصحيفة “نيويورك تايمز”، مقالات في موقع “نيويورك ريفيو أوف بوكس” على الإنترنت يكشف فيها عن تعاون (NED) مع وكالة المخابرات المركزية، والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية لدعم القوات المتمردة في بلدان أخرى في محاولة للإطاحة بالأنظمة التي لا تحبها الولايات المتحدة. وفقاً للمقالات، كان الأعضاء الأوائل في مجلس إدارة (NED) في الغالب من دعاة الحرب، ومن بين أعضاء المجلس الحاليين أعضاء مجلس الشيوخ الفيدراليين السابقين المتحمسين لتغيير النظام في كوبا ونيكاراغوا.

  • كشف المجتمع الدولي عن أفعال (NED) السيئة وانتقادها

في 29 تموز 2015، أصدرت وزارة الخارجية الروسية بياناً أدرجت فيه (NED) رسمياً باعتباره “منظمة غير مرغوب فيها” وحظرت أنشطته داخل الأراضي الروسية. وقال البيان إن وزارة الخارجية الأمريكية أدلت ببيان منافق بوضوح حول “قلقها العميق” بشأن مصير المجتمع المدني الروسي. إن معظم مشاريع (NED) تهدف إلى زعزعة استقرار الوضع المحلي في البلدان التي تحاول إتباع سياسة مستقلة تتماشى مع مصالحها الوطنية بدلاً من إتباع قيادة واشنطن.

نشر الصحفي الفرنسي فريديريك شاربييه كتاباً بعنوان “وكالة المخابرات المركزية في فرنسا: 60 عاماً من التدخل في الشؤون الفرنسية” في عام 2008، وكشف عن أنشطة (NED) في فرنسا، وذكر أن (NED) يعتمد على الإنفاق من ثلاث وكالات هي وزارة الخارجية الأمريكية، ووكالة الإعلام الأمريكية، والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، ويخدم السياسات الدبلوماسية والعسكرية الأمريكية.

ومن جهته حذر ستيفن كينزر، المراسل السابق لصحيفة “نيويورك تايمز”، حكومات العالم من أن الهدف الوحيد لـ ((NED هو تدريب الناس على زعزعة استقرار الحكومات التي لا توافق عليها واشنطن.

وفي حزيران 2023، نقلت وكالة الأنباء البرازيلية عن كاميلا فيكس فيدال، الأستاذة في الجامعة الفيدرالية في سانتا كاتارينا، قولها إن (NED) هو دليل قوي على استخدام الديمقراطية كذريعة لتحقيق مكاسب وذريعة أخلاقية للتدخل في شؤون دول أخرى.

إذاً  استخدمت الولايات المتحدة، تحت ستار الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان، (NED) للتسلل والتدخل والتخريب ضد دول أخرى. وأن هذا الأمر يشكل انتهاكاً صارخاً لسيادة البلدان الأخرى وأمنها ومصالحها التنموية، وينتهك بشكل صارخ القانون الدولي والمعايير الأساسية للعلاقات الدولية، ويعرض السلام والاستقرار العالميين للخطر الشديد، خاصةً أن العالم يتجه نحو التعددية القطبية، ولابد من تعزيز الديمقراطية في العلاقات الدولية. ولكل دولة الحق في إتباع مسار التنمية الذي يناسب واقعها الوطني واحتياجات شعبها. ولا يجوز لأي دولة أن تقوم بالتنظير على الآخرين بشأن الديمقراطية وحقوق الإنسان، ناهيك عن استخدام الديمقراطية وحقوق الإنسان كذريعة لانتهاك سيادة الدول الأخرى والتدخل في شؤونها الداخلية، وإثارة المواجهة الإيديولوجية. ويتعين على أعضاء المجتمع الدولي أن ينخرطوا في التبادلات والحوار على أساس الاحترام المتبادل والمساواة، وأن يعملوا معاً للمساهمة في تقدم البشرية.