دراساتصحيفة البعث

أمريكا تطيل أمد الصراع الروسي الأوكراني

عائدة أسعد

دعت وزارة الخارجية الصينية إلى تهدئة الصراع بين روسيا وأوكرانيا بعد التقارير الأخيرة عن دخول القوات الأوكرانية إلى منطقة كورسك الحدودية الروسية. وفي بيان لها، قالت الوزارة إن الصين ستواصل الحفاظ على التواصل مع المجتمع الدولي ولعب دور بناء في تعزيز التسوية السياسية للأزمة، وأضافت أن الصين تدعو جميع الأطراف إلى الالتزام بالمبادئ الثلاثة المتمثلة في عدم توسيع ساحة المعركة، وعدم تصعيد القتال، وعدم تأجيج النيران من قبل أي طرف.

وعلى النقيض تماماً من تأكيد إدارة جو بايدن على دعم الولايات المتحدة الثابت لأوكرانيا في وثيقة صدرت يوم الجمعة الماضي بعد أربعة أيام من دخول القوات الأوكرانية كورسك، يعكس بيان بكين موقف الصين المحايد ورغبتها الجادة في رؤية تسوية سياسية مبكرة للأزمة.

إن ورقة الحقائق “التعاون الأمني الأميركي مع أوكرانيا”، التي صدرت بعد تقدم القوات الأوكرانية إلى داخل منطقة كورسك الروسية، تشهد على نية إدارة بايدن في أخذ الفضل في الإنجاز لتعزيز الحزب الديمقراطي قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية المقبلة.

ووفقاً للوثيقة، فإن الولايات المتحدة حتى الوقت الحالي قدمت أكثر من 55.4 مليار دولار كمساعدات عسكرية لأوكرانيا منذ بدء 24 شباط 2022.

ومع مهاجمة المرشح الرئاسي الجمهوري دونالد ترامب لسوء التقدير الاستراتيجي، والافتقار إلى الوسائل لإنهاء الصراع، أصبحت الأعمال العدائية المطولة بين روسيا وأوكرانيا بمثابة أصل سلبي للحزب الديمقراطي في الفترة التي تسبق انتخابات تشرين الثاني.

وأما إدارة بايدن، فقد كانت تتردد منذ فترة طويلة في السماح لكييف باستخدام أسلحة حلف شمال الأطلسي لمهاجمة أهداف روسية خارج الحدود، ناهيك عن دعمها لدخول الأراضي الروسية خوفاً من إشعال صراع مفتوح بين روسيا وحلف شمال الأطلسي, وبمنح كييف أخيراً الضوء الأخضر، وكل الدعم الإستخباراتي والمادي اللازم لشن الهجوم المفاجئ، يضمن بايدن أن عدوانه بالوكالة ضد روسيا يحصل على فرصة جديدة للحياة، حتى مع استعداده لمغادرة منصبه.

وفي حين أن خدعة ساحة المعركة ربما كانت بمثابة دفعة معنوية للقوات الأوكرانية، فإن كييف ستكتشف أن التقدم الذي أحرزته القوات الأوكرانية على أرض روسيا حتى الآن مؤقت، حيث سيكون من الصعب جداً عليها التمسك بمكاسبها، وستعرف أيضاً أن العواقب والتكاليف المحتملة لهذه الخطوة لا تزال بحاجة إلى أخذها في الاعتبار.

إن حث الولايات المتحدة قصير النظر لأوكرانيا على نقل القتال إلى روسيا هو الذي جعل كل الجهود السابقة للسعي إلى إنهاء مبكر لأزمة أوكرانيا بلا جدوى، والغرض الاستراتيجي للهجوم الأوكراني الأخير الذي ترعاه الولايات المتحدة غير محدد بشكل جيد، ومن غير المرجح أن يمنح أوكرانيا اليد العليا في القتال، وقبل أن تستعيد أراضيها المفقودة بالقوة، قد لا تفكر موسكو في أي محادثات.

وفي حين أن الهجوم الأوكراني ربما خدم احتياجات السياسة الداخلية الأميركية، فإن السؤال هو إلى متى ستستمر هذه الحاجة في إطالة أمد الأزمة الأوكرانية؟.

لا شك أنه بغض النظر عن كيفية تطور الصراع الروسي الأوكراني، فإن طموح روسيا للبقاء قوة عالمية متجذرة في أوروبا لن يتغير، ولن يتغير موقفها بشأن المسائل المتعلقة بمصالحها الأساسية، وعزمها الراسخ على الحفاظ على منطقة آمنة على محيطها.

وفي حين تتهم الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي الصين بالانحياز إلى روسيا، فإن موقف الصين ودورها فيما يتعلق بالصراع يتعلق بخصائص كيفية تعاملها مع العلاقات الدولية. وباعتبارها ليست خالقة الصراع ولا طرفاً فيه، تحترم الصين الاحتياجات المعقولة لكلا البلدين فيما يتعلق بالأمن والسيادة وعلى هذا النحو، فهي تعارض التوسع والعدوان بلا أساس من قِبَل حلف شمال الأطلسي، والذي يجسد تفكير الحرب الباردة.

وبدلاً من محاولة الاستفادة من الأزمة كما تفعل الولايات المتحدة، فقد بذلت الصين جهوداً متواضعة، ولكنها مستمرة لتعزيز الحوار بين الطرفين، حتى يتسنى لهما التوصل إلى حل لحل خلافاتهما.

وحسب المحللين السياسيين في الصين، فإن الصين على الرغم من استمرار الولايات المتحدة في إثارة الحرب وتأجيج نيران القتال، ستواصل العمل من أجل السلام طالما كان هناك شعاع من الأمل.