أكثر من ٣ ملايين تكلفة متر على “الهيكل” وسعر متر “الهوا” أضعاف!
دمشق- ميس بركات
أعادت الهزة الأرضية التي حصلت منذ يومين ملف الواقع العمراني عموماً، والعشوائي خاصة، إلى الواجهة، والخوّف الذي لم يفارق المواطنين القاطنين في تلك العشوائيات من أي هزة مهما بلغت درجتها، فمكعبات المخالفات التي فُصّلت على يد “شقيعة” في العمار إن سلمت هذه المرة من الانهيار فلن تسلم المرات القادمة، في حال كانت درجة الهزة أقوى، وهذا ما ترجمه مشهد نزول قاطني تلك المناطق إلى الشوارع أكثر من سكان المناطق المنظمّة، إلّا أن مطالبهم خرجت هذه المرة من ضرورة مراقبة وضبط الأبنية التي تتم إشادتها حديثاً في هذه المناطق وغيرها، إلى وضع ضوابط للأرقام الخلّبية في إيجارات هذه المناطق التي تحاول أن تصل إلى مصاف الإيجارات في المناطق الراقية بحجة أنها في وسط المدينة.
ولا يختلف اثنان على أن حركة البيع والشراء شبه معدومة بحسب ما يؤكده أهل الكار إلّا أن حركة الإيجارات لا زالت قائمة كونها الخيار الوحيد المتبقي، إلّا أن الأرقام المطلوبة في تلك المناطق “تعجيزية” إذ يجد محمد خالوصي (صاحب مكتب عقاري) حدوث بلبلة في مناطق العشوائيات وتحوّل المطالبات إلى شائعات بخفض الإيجارات خلال الفترة المقبلة، وهذا لن يتحقق في ظل عدم تحريك أي ساكن في القطاع العمراني، لاسيّما وأن حركة البناء مشلولة بشكل تام بعد تجاوز تكلفة بناء متر على الهيكل الثلاث ملايين في حال كانت الأرض مملوكة لصاحبها، وهذا الأمر ينطبق على البناء في القرى والأرياف، وبالتالي فإن حل أزمة السكن لن يبصر النور إلا في حال الخوض في حركة عمران جديدة واستثمارات لشقق صغيرة الحجم كثيرة العدد.
في المقابل، وجد الخبير الاقتصادي عمار يوسف أن المشكلة لا تتوقف على كلفة بناء المتر على الهيكل، بل تتعداه إلى كلفة متر الهوا، فالعقار في المالكي بسعر خمس مليار ليرة هو ذاته من حيث مواد البناء في الـ 86 بسعر 500 مليون، بالتالي فإن موقع العقار هو المتحكم الأول بالسعر قبل الخوض بسعر مواد البناء والتي يجب إعادة النظر فيها وبتكاليف التراخيص والتنظيم في المدن والأرياف.
ونفى يوسف أن يحدث انخفاض في إيجارات سكن العشوائيات كون المُؤجر خاسر بشكل دائم نتيجة انخفاض القدرة الشرائية وارتفاع تكاليف المعيشة فإيجار المنزل سابقاً كان بـ 10 آلاف ليرة وكان يكفي مصروف شهر، في حين إيجار منزل اليوم مليون ليرة مثلاً لا يكفي مصروف عائلة، لافتاً إلى أن ارتفاع الإيجارات لا يخرج من دائرة الارتفاع الوهمي في ظل توقف المشاريع العقارية التي تؤكد أننا في الخمس ثوان الأخيرة من الدمار الشامل لسوق العقارات. ونوّه الخبير الاقتصادي إلى أن مشكلة المواطن اليوم تعدت التفكير في السكن ففي أسوأ الأحوال يفترش المواطن الأبنية المهجورة إلّا أن الهم اليوم الأكبر هو الطعام والدواء، فأغلب المواطنين اليوم يعملون بأكثر من عملين ليغدو الاقتصاد قائماً على سرقة بعضنا البعض.